وعارضه ابن عبدوس في هذا الجواب لكونه يقتضي إبطال التحبيس.
فانفصل له عن ذلك بأنه إذا أخذ قيمه البناء صرفه في حبس مثله.
ومذهب بعض أشياخي أن المذهب على قولين في كون البناء للمسجد وقع بوجه شبهة: فسحنون يجري حكم مالًا حرمة له من الأبنية، ويمكنّ (?) المستحق من أن يعطي قيمة البناء قائما.
وظاهر إطلاق قول ابن القاسم أنه يهدم، ولو كان البناء بوجه شبهة، لأنه (?) يفصل في جوابه.
وأيضًا فإن سحنون وافقه على أن الباني لو كان غاصبا للأرض لهُدِم المسجد عليه، والحكم في الغاصب، إذ ابن ي مالًا حرمة له، تمكينُه من تكليف الغاصب قلع بنائه، وإعطائه قيمة النقض بعد أن يحط أجر القلع، كما قدمناه في البناء الذي لا حرمة له. فإذا وافق سحنون ابنَ القاسم في افتراق الحكم في بناء الغاصب مالًا حرمة له، وماله حرمة فلم يفكهت المستحق من إعطاء قيمة النقض للغاصب، ومكنه من ذلك إذا كان البناء لا حرمة له، فكذلك ينبغي أن يفرِّق الحكم فيمن بني بوجه شبهة بين أن يبني مالًا حرمة له أو يبني ماله حرمة.
واعلم أن مثار الخلاف في هذه المسألة تزاحُمُ حقيْن فيها: أحدهما حق الله سبحانه، وهو المنع من إبطال الاحباس وتملِكُّها، والثاني حق المخلوق، وهو الباني، في أن لا يُبِطل عليه ملكَه، ويُفسِد بناءَه، فتذهب نفقته باطلا، فأي الحقين يقدم؟
قدّم ابن القاسم حق الله سبحانه في أن لا تُغيَّر الاحباس ولا تُتَملك، فأمر بهدْمها, ولم يلتفت إلى ابطال حق الباني في البناء.
وغلب سحنون حق الباني، فلم يتلفْ عليه ما انفق، وجعل له أخْذَ قيمة