والعقد إذا تضمن شيئًا ولزم عنه، فهل يكون ذلك كالمعقود عليه المقصود بالعقد أم لا؟ هذا سبب الإشكال الذي اقتضى الاختلاف.
وأما لو كان الصلح عن الغريم بعوض (?) إنما يلزم الغريم، إذا أمضى هذا الصلح عنه، قيمةُ العوض (1) الذي دفعه الحميل وهي دنانير من جنس ما عليه.
فإذا كانت قيمته مائة دينار مثل المائة التي عليه، يمكن في هذا غرر, لأنه إنما يغرم مائة دينار سواء أجاز الصلح ورده (?). وإن كانت قيمة العرض أكثر من المائة دينار أو أقل منه، فمعلوم من جهة العادة أنه لا يختار أن يدفع إلا الأقل من الأمرين: إما المائة دينار أو قيمة العرض. وهذا يرتفع معه ما صورناه من الغرر.
وعندي أن هذا الذي أطلقه أهل المذهب من الجواز للصلح على الدنانير التي على الغريم بعوض (2) إن كان ذلك يقوم بالدنانير. وأما إن قوِّم بالدراهم ودفع الحميل العرض على أنه لا يدري ما. يرجع إليه، إما دنانير وهي التي على الغريم، وإما دراهم، فإن المسألة قد ترجع إلى المسألة الأولى في دفع دراهم عن دنانير.
وقد حاول الشيخ أبو إسحاق تخريج خلاف في هذا فقال: قد منع في الموازية، في هبة الثواب، أن يخرج رجل عن الموهوب له عرضًا، يكافىء به عن الهبة قضاء عن الموهوب له، مع كونه إنما يقضي له بقيمة أقلِّ العرضين: إما العرض الذي هو هبة، وإما العرض الذي دفعه أيضًا عن الموهوب له، وهو يعلم أيضًا أن الموهوب له لا يختار إلا الأقلّ من القيمتين.
فكان الواجب له، على مقتضى التعليل الذي ذكرناه في صلح الكفيل، أن يجوز هذا أيضًا.