بخمسين دينارًا، فإن ذلك لا يجوز على الإطلاق، كان الدين سلعة أو قرضًا، لأنه يقع في "ضع وتعجل" إن صالح عن الغريم. وإن صالح عن نفسه وقع في سلف بزيادة، أسلف من له الدينَ خمسين ليأخذ من الغريم إذا حل الأجل مائة.
وإن كان الأجل قد حصل (?)، فصالح عن دنانير طيّبة بدنانير أَدْنَى منها، فإن ذلك جائز إن كان صالح عن الغريم، وذلك للعلم بأنّ العادة جرت بأن الغريم متى قدر أن يدفع أقلّ مما عليه فلا يدفع أكثر منه، فيصير الكفيل إذا صالح عن دنانير طيبة يدنانير ونهى (?) يعلم من مقتضى العادة أن الغريم لا يدفع إليه إلَّا دنانير دنية مثل ما دفع هو لمن له الدين. ولأن دفع الحميل دنانير طيبة عن دنانير دنيئة في ذمة الغريم فذلك منه مكارمة لمن له الدين وهو يعلم أن الغريم لا يلزمه أن يتطوع بأجود مما عليه، فإنما يدفع إليه الدنانير التي عليه فلا يكون في هذا وقوع في ربا ولا في غرر، فلهذا جاز ذلك. لكنه لم يطرد الأصل في المدونة في هذا الذي قلناه في الكفيل بطعام جيّد حلّ أجله، وهو من سلم، فإنه منع الكفيلَ أن يصالح من له الدين إذا حلّ الأجل بطعام أجود مما تحمل به، أو طعام أدنى منه، وإن فعل ذلك قضى (?) عن الغريم لا يشتريه لنفسه. وعلل ذلك بأن ذلك بيع للطعام قبل قبضه، لأجل ما يكون لمن عليه الدين من الخيار في أن يدفع مثل ما دفعه الكفيل لمن له الدين، أو يدفع خلاف ذلك، وهو الدين الذي عليه، فيصير من له الدين كبائع الطعام قبل قبضه.
ولو كان تغيير هذه الصفة في الطعام المسلم فيه مِمّن عليه الدين، لجاز ذلك, لأنه مبادلة طعام جيد بدنيء أو دنيء بجيد، بخلاف الكفيل.
وهذا التعليل يقدح في الأصل الذي قلناه, لأنه يجري في دفع الحميل عن سكة طيبة سكةً دنيئة وعن سكة دنيئة سكةً طيبة، فيكون ذلك أيضًا بيعَ ذهب