شرح التلقين (صفحة 2924)

هذا بأن أبا قتادة قضاه بعد يومين أو ثلاثة، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: " الآن بَرَدَ جلده" فلو كان بنفس الحمالة برئ من الدين لكان جلده قد برد من وقت الحمالة ولم يقف ذلك على قضاء الدين عنه. وهذا واضح.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

أمّا الدليل المعتمد عليه في جواز الحمالة فالكتاب والسنة مع الاتفاق على جوازها على الجملة.

فأمّا الكتاب فقد قال تعالى: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (?). والمرادب "زعيم" كفيل كما قدمناه. فقد أثبت بهذه الآية الزعامة وهي الكفالة. وهذه كفالة بالمال.

وقال في السورة بعينها: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ الله عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} (?). وهذه حمالة بالوجه، وهو أحد أقسام الحمالة على ما سنبينه بعد هذا إن شاء الله.

وهذا الذي ذكر فيه الموثق والمعاهدة وإن لم يكن تصريحا بلفظ الحمالة ففيه معناها، ولكن هذا شرع من كان قبلنا. وإنما يكون هذا مما يعتمد عليه على مذهب من قال من الأصوليين: إن شرع من قبلنا نحن مخاطبون به إلا أن يأتي في شرعنا ما ينسخه. ولم يرد في شزعنا ما ينسخ جواز الحمالة بل ورد ما يؤكد جوازها.

وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والمنحة مردودة والزعيم غارم (?) وقوله فيما رواه قبيصة "لا تحل الصدقة إلا لثلاث: رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015