شرح التلقين (صفحة 2922)

وذهب ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو ثور وداوود إلى أن الدين يبرأ من هو عليه إذا تكفل به رجل عنه. ويمكن أن يبهون رأى أن الحق إذا كان واحدًا! فلا يكون الواحد في محلين، كما في الاجتماع: لا يكون جسْم في مكانين.

وهذا لا يصح التشبيه فيه لأنه يعلم ضرورة استحالة كون الجسم في مكانين بخلاف الدين فإنه يصح أن يكون في ذمتين لأنه ليس بذات تفتقر إلى مكان تحل فيه. وإنما الغرض بالكفالة أن يكون الحق في ذمة، فإن تعذر استيفاؤه منها انتقل إلى ذمة أخرى، ولا يُستنكر انتقال الجسم من مكان إلى مكان.

هذا على أحد القولين في الحميل لا مطابقة (?) عليه مع إمكان أخذ الحق من الغريم. وإنما تتوجه عليه المطالبة عند تعذر ذلك من الغريم:

وعلى القول بتخيير صاحب الدين بين طلب ذمة الحميل فليس في ذلك أيضًا ما يستحيل، فكأنه خُيّر بين محلّين يستوي حقه من أيهما شاء، كما خير الله في كفارة اليمين بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فأي الأمرين اختار المكلف فهو الواجب عليه، فكذلك من له الدين وله كفيل:

أي الذمتين اختار طلبها فإن ذلك في حقه كالجالس في مكان يمكنه أن يختار (المنتقل منه إلى جهة اليمين أو من جهة الشمال) (?).

والحوالة يُنمي اسمها عن تنقل الحق عن ذمة ومصيره في ذمة أخرى، كما يقال: تحول زيد من هذا المكان إلى هذا المكان. ومعناه خرج عن المكان الأول فصار في المكان الثاني. والضمانة بعكس هذا، لأنها تتضمن إضافة ذمة إلى ذمة. هذا سبب الخلاف من جهة المعنى المستند للعقليات.

وأما سبب الخلاف من جهة الشرعيات فإن ابن أبي ليلى ومن وافقه يرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015