شرح التلقين (صفحة 2875)

والجواب عن السؤال الرابع عشر أن يقال:

إذا قال رجل: لزيد عندي من مائة درهم إلى عشرة دراهم، أو من درهم إلى مائة درهم، فبدأ بأقل العدد فجعل الغاية أكثر منه، أو عكس ذلك فقال: له عندي من عشرة دراهم إلى درهم واحد، فإنه لم يختلف المذهب عندنا، فيما علمت، في أن حرف ابتداء الغاية يقتضي دخول البداية في النهاية، فالدرهم الأول، في قوله: له عندي من درهم إلى عشرة دراهم، داخل في الإقرار ولازم للمقِر، كما يلزم الدرهم الثاني والثالث إلى التاسع.

وإنما اختلف المذهب إلزامه ما بعد حرف الغاية وهو الدرهم العاشر، فاختلف في ذلك قول سحنون رضي الله عنه، فقال بإسقاطه، في أحد قوليه، ولم يلزم المقرَّ إلا تسعة دراهم، وهو مذهب أبي حنيفة. وقال مرة أخرى بل يلزم المقر الدرهم العاشر فيقضي عليه بعشرة دراهم كلها. وجعل ما بعد الغاية داخلًا في الجملة، كما جعل أهل المذهب الدرهم المذكور بعد حرف ابتداء الغاية لازمًا داخلًا في الجملة. وهذا (?) إذا قال: له عندي من عشرة دراهم إلى درهم، يلزمه الدرهم العاشر إلى بقية الجملة ويختلف في الدرهم الذي جعله غاية: هل يدخل في الإقرار فتلزمه العشرة دراهم أو لا يدخل في الإقرار فتلزمه تسعة دراهم؟

وكذلك لو اختلف نوع ما بدأ به المقر وما جعله غاية، مثل أن يقول: له عندي من درهم إلى دينار، ينبغي أن يجري على ما أصلناه لك من هذا الاختلاف. ومقتضاه أن يلزمه الدرهم ويختلف في الدينار.

وإلى هذا أشار محمَّد بن عبد الحكم في رده على أبي حنيفة، فقال: إنه يقول: إذا قال: له عندي من عشرة دراهم إلى عشرة دنانير، إنه تلزمه العشرة دراهم وتسعة دنانير، فقال ابن عبد الحكم: هذه مناقضة، والإشارة إلى أنه إذا كان مذهبه أن ما بعد حرف الغاية غير داخل في الإقرار فإنه ساقط، فكذلك يجب أن تسقط العشرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015