شرح التلقين (صفحة 2868)

والشيخ أبو بكر الأبهري من أصحابنا إلى أن هذه الزيادة وهي الوصف بالكثرة لا تفيد أكثر مما يفيده الإطلاق، ويحمل ذلك على ثلاثة دراهم أو ثلاثة دنانير، ويقبل منه تصير ما أجمله بعدد لا يتقاصر عن الثلاثة.

وتوجيه هذا المذهب مأخوذ مما قدمناه من أن لفظ الجمع وهو قوله: دراهم، يقع على الدراهم الكثيرة والدراهم القليلة، فلم يفد التقييد زيادة على ما أمكن دخوله في القول: له عندي دراهم. وإنما تكون الزيادة لها حكم في هذا المعنى إذا أفادت ما لم يفده القول الأول، ولا أمكن دخوله فيه.

ومَن سوى هؤلاء الرجلين: الشافعي وأبي بكر الأبهري رأوا أن هذا التقييد بالوصف فيه زيادة فائدة على الإطلاق. واختلفوا في تحديد هذه الزيادة: فقال محمَّد بن عبد الحكم: لا يقبل منه التفسير بثلاثة إلا أن يزيد عليها، فإذا زاد عليها قبل تفسيره ولم يحدّ هذه الزيادة.

وذهب ابن المواز إلى تحديد هذه الزيادة فقال: إذا قال: هي أربعة درأهم، قبل منه ذلك.

فكأنه رأى أن هذه الزيادة لا تكون بالكسر والجزء من الدرهم، وإنما تكون بواحد كامل، فلهذا قال: يحد ذلك بأربعة.

وذكر محمَّد بن عبد الحكم أنه قيل: يحذ ذلك بخمسة دراهم. وكأنه رأى ثَمّ عدداَّ بَين الكثرة والقلة، فلو قال: له عندي دراهم لا كثيرة ولا قليلة لقضي عليه بأربعة دراهم لأن هذا العدد يرتفع عن القليل وهو ثلاثة دراهم وينحط عن الكثير وهو ما زاد على أربعة. فإذا كان سلْب هذا الجمع الوصف بالقلة والكثرة يقتضي أربعة وجب أن يكون ما زاد على ذلك يوسف بالكثرة وهو خمسة.

وذكر أيضًا أنه قيل: تسعة دراهم. قال: ولا وجه لقول النعمان: يحدّ ذلك بعشرة دراهم، ولا لقول أبي يوسف: يحد ذلك بنصاب الزكاة مائتي درهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015