شرح التلقين (صفحة 2856)

والجواب عن السؤال الحادي عشر أن يقال:

قد ذكرنا حكم من أقر بشيء في وعاء: هل يدخل الوعاء في الإقرار أم لا، وهذا الفصل: إذا أقر بشيء في شيّء لا يكون وعاء له مثل: إن له درهم (?) في درهم، أو دينار (1) في دينار أو درهم (1) في عشرة دراهم أو في عشرهّ دنانير أو عشرة دنانير في درهم أو مائهّ درهم في عشرة دنانير. فان هذا معلوم أن أحدها لا يكون ظرفًا للآخر، وإن كان اللفظّ وهذا الحرف الذي هو قوله: في كذا، يدل على الوعاء والظرفية.

وقد اختلف في هذا: فمذهب سحنون حمل هذا على أن المراد يضرب الشيء في الشيء، فيكون اللازم ما خرج من الضّرب. وهذا الذي يسميه الحساب التجربة، ومعناه إجراء العدد في عدد، كقوله: أربعة في أربعة بستة عشر، وعشرة في عشرهّ بمائة، إلى غير ذلك منا سائو العدد المضروب منها العدد في مثله. فإذا قال: له عندي دينار في دينار ودرهم في درهم، لم يلزمه عند سحنون سوى درهم واحد. وإذا قيل: له عندي عشرة دراهم في عشرة دراهم، لزمه مائة درهم.

ومذهب ابن عبد الحكم أنه لا يلزمه إلا العدد الأول، ويسقط ما ذكر بعده من قوله: في كذا، إذا حلف المقر أنه لم يرد بذلك التضعيف، وصرف الحساب.

وسبب هذا الاختلاف ما قدمناه مرارًا من كون الاعتماد في هذا على ما يفيده لفظ المقر من ناحية اللغة أو من ناحية عرف الاستعمال.

وكأن سحنونًا رأى أن الظرفية لما استحالت وامتنع أن يكون الدرهم وعاء للدرهم، بخلاف ما قدمناه في السؤال الذي قبل هذا من قوله: له عندي زيت في زق، وجب حمل ذلك على معنى آخر مستعمل في العرف وهو ضرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015