وقال - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث .. " (?) فذكر الصبي حتى يحتلم.
وإنزال الماء الدافق هو الاحتلام، ولكنه في بعض الأشخاص قد يعدم وقد يتأخر، فيفتقر حينئذٍ إلى تطلب علامات تدل إليه، وهي إنبات الشعر في العانة، وبلوغ سنين لا يبلغها [إلا]، من احتلم. وهاتان العلامتان يستوي فيهما الذكر والأنثى.
وعلامتان أخريان يختصّ بهما النسوان.
فأمّا الإنبات: فكونه علمًا على البلوغ (وتكليف الثبوت) (?) وتوجه خطاب الشرع، فإنه مما اختلف العلماء فيه: فذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يكون علمًا أصلًا.
والمشهور من مذهبنا كونه علمًا على الجملة.
ولم يختلف الشافعي في كونه علمًا في أولاد المشركين. واختلف قوله في كونه علمًا على البلوغ في أولاد المسلمين، وكأنه رأى على قوله بالتفرقة بين أولاد المسلمين وأولاد المشركين، أن أولاد المشركين لا طريق لنا إلى العلم بما ذهب من أعمارهم، فاضطررنا إلى اتخاذ الإنبات فيهم علمًا وأولاد المسلمين بين أظهرنالأولا تخفى أنسابهم بالبحث والاختبار، فعدل عن ذلك إلى ما يمكن مما هو الدلالة والعلامة أقوى.
وأيضًا فإن أولاد المسلمين (?) يتهمون في كتمان البلوغ لئلا تجري عليهم أحكام الكبار من الكفار من قتل وضرب الجزية عليهم، إذ من لم يبلغ من الكفار لا نقتله ولا تلزمه الجزية، وهذه التهمة مرتفعة عن أبناء المسلمين إذ لا يباح دمهم، كبارًا كانوا أو صغارًا، إلا بجناية توجب ذلك، مما لا يسلم له،