في صفة السفه الذي يوجب الحجر عليه:
فمذهب ابن القاسم أن السفه الذي يمنع السفيه أن يُعطى ماله إذا بلغ يوجب أيضًا استئناف الحجر عليه إن كان كبيرًا مهملا.
ومذهب أشهب أن استئناف الحجر لا يسوغ إلا بثبوت سفه ظاهر بيّن.
وكأن ابن القاسم رأى أن السفه في الصورتين جميعًا، الموجب لتمادي الحجر والموجب لاستئنافه، لا يفترقان لكون الحكم متساويا والعلة واحدة.
وكأن أشهب رأى أن الحجر إذا لم يتقدم استئنافه بالانتقال من انسحاب الحال لا يثبت إلاَّ بأمر بين، لا سيّما مع مراعاة الخلاف لمذهب أبي حنيفة في قوله: لا يستأنف الحجر على الكبير.
والجواب عن السؤال الرابع
أن يقال:
إذا انكشف للمتأمل وجه المصلحة في الحجر على السفيه، انكشف له حقيقة السفه. وذلك أنا قدمنا أن المال به حفظ الحياة وقوامهما. كما نبه الله سبحانه في كتابه بقوله {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا} (?). ومن لا يحسن إمساكه وتدبيره، ويبيعه من غير عوض صحيح حتى يعود محتاجا إلى ما يحفظ الحياة به، ولا يجده، ولا ينظر لنفسه، نظر الشرع له بإقامة من ينظر له.
فحقيقة السفه على هذا: تبذير المال وإتلافه.
وقد جعل الله سبحانه للإنسان دارين:
دارًا عاجلة وهي الدنيا، يحتاج إلى تدبيرها وإصلاحها، ودار الآخرة التي