شرح التلقين (صفحة 2561)

ذلك يدل على ارتفاع الغبن، ولكان جوابه أن يقول له: لا يصح الحجر على الكبير وقد عكسواهم هذا فقالوا: آخر الخبر يقتضي ما قلناه لأن عثمان امتنع من الحجر، ولو كان ذلك جائزًا له واجبا عليه لما تركه.

وهذا يجابون عنه بأن عثمان يمكن أن يكون لما رأى الغبن لما صار بين اثنين قلّ مقداره عن المقدار الذي يرد من التغابن، أو يكون احتقر الغبن، وقد قيل عنه: مرّ بها فقال: هذه الأرض ما أشتريه ابن علين. ولعل الزبير وعبد الله بن جعفر يعتقدانِ غلط عثمان في التقويم لها. وقد ذكر أيضًا أن عبد الله بن الزبير لما اتصل به إكثار عائشة رضي الله عنها من العطايا والصِّلات فقال: لتنتهينّ أو لأحجرن عليها.

فاتصل بها، فأقسمت ألاّ تكلمه، فأتى إليها معتذرا فقبلت عذره، فأشار أصحابنا إلى أن هذا كالإجماع الذي لا ينبغي أن يخالف، لا سيّما على طريقة من ذهب من الأصوليين إلى أن الصحابي إذا قال قولا وانتشر في الصحابة فلم ينكره أحد منهم، فإن ذلك حجة لا يسوغ خلافها.

واحتج أصحابنا أيضًا بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} إلى قوله {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفُ اأَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (?)

فجعل تعالى للسفيه وليًّا يملل عنه، ومعناه يقرّ عنه بما باع عليه أو اشترى، بمنزلة المكاتبة المذكورة في أول الآية فدل ذلك على أن السفيه لا تمضي أفعاله ولا معاملاته، وإنما يمضي عليه من ذلك ما فعله وليه.

وقد قالوا ها هنا: إن السفيه هو المجنون. فقيل لهم: بل السفيه هو المبذر، والضعيف هو الصغير، والذي لا يستطيع أن يملّ هو المجنون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015