شرح التلقين (صفحة 2559)

قد قدمنا أن مذهب أبي حنيفة في أن السّفه وإن كان علة في الحجر، فإنها علة لا تطرد. ولأجل هذا قال في السفيه إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة: إنه يرتفع الحجر عليه، لما قدمناه عنه من التعليل.

والدليل الذي منع هذه العلة من الاطراد ومذهبه الذي يضاف إليه في الأصول، أن العلة الشرعية لا يبطلها تخصيصها، خلافا لحذاق أهل الأصول.

وأما قبل الخمس وعشرين سنة. فإنه يثبت الحجر على من حجر عليه قبل بلوغه، واستدام السفه والتبذير .. لكن ظاهر مذهبه المنقول عنه في كتاب الخلاف أنه إنما يحجر على من تقاصر عمره عن الخمس وعشرين من السفهاء على أن لا يدفع إليه مال، لأن الحجر نوعان: حجر منع من أخذ المال. وحجر منع من التصرف فيه. لأن وجود العقل يثبت استئمان التصرف. والملك يثبت القبض لما ملك والحوز له. ويثبت التصرف فيه.

فأمّا أحد نوعي الحجر وهو المنع من أخذ المال، فيوافقنا عليه فيمن تقاصر عمره من السفهاء عن خمس وعشرين سنة. ويشير إلى أن هذا المنع منع احتياط.

وأمّا التصرف في المال، بالعقود بالبياعات والأشرية والإقرارات، فإن ظاهر ما نقل عنه أنه لا يحجر على السفيه فيه، ويرى أن المنع من أخذ المال قصارى ما فيه إلحاق السفيه بالفقير الذي عدم المال.

وأمّا من منعه من التصرف فيه، فيلحقه بالبهائم التي يستحيل منها التصرف، وهذا مستبعد، ولا يستبعد التشبيه بحال الصغير.

ونوقض في هذا بأن المنع من أخذ المال حسيّ مشاهد. وأمّا المنع من التصرف فيه فأمر ليس بحسيّ، وإنما هو إخبار عن حكم الشرع أنه أبطل عقوده وبياعاته، مع أن الحجر على السفيه يُقطع على أن ذلك إنما كان نظرا له، لِمَا عَدِم من النظر لنفسه. ومنْعُه من المال وإطلاقُ تصرفه فيه كالمتناقض، لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015