وتبذيره الذي هو علة الحجر عليه في سنه أربع وعشرين في عمره عندنا وعنده وعند سائر العلماء.
والتحديد بخمس وعشرين ها هنا كالتحكم من غير معنى، ومناقضة المعنى المخيل، وهو كون السفيه المبذر إذا تلف ماله، فقد عدم ما هو قيام له، كما قال تعالى، والعلة مقطوع بكونها لا يفترق وجودها وحصولها في سنة أربع وعشرين أو خمس وعشرين.
وإذا تحقق ذلك وتيقن، وكان السفه علة في الحجر، فرفع الحكم مع وجود علته كالتناقض. وهذا واضح، ولا خيال يتحقق في نصرة مذهبه سوى تعلق بظواهر غير مقصود فيها بيان حكم الحجرَ وعلته، كقوّله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فدليل هذا عندهم أنه إذا بلغ أشدّه سلم إليه ماله على أىّ حال كان: سفيها أو رشيدا، لأن ما بعد حرف الغاية الذي هو "حتى" نهاية إلى أن لا يُقرَب ماله. وما بعد حرف الغاية يخالف ما قبله. فهذا تعلق ليس بصريح بما يُفعل بمالِه إذا بلغ الأشدّ وكان سفيها، بل يجب أن يرد هذا إلى الإجمال الذي ما بُيّنَ بيانا جليا، من ذكر الشرطين المعلق بهما دفع المال، وهما: بلوغ النكاح، وإيناس الرشد، كما قال تعالى. وكذلك قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} بعد ذكره بلوغ النكاح. فوجب أن يعتبر الشرط الذي هو إيناس الرشد عقيب البلوغ، لكون الفاء للتعقيب في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} فدلّ هذا الخطاب على أنه إذا طال الأمد بعد البلوغ لا يعتبر الرشد. وهذا أيضًا لا يقابل وضوح العلة في منع الدفع لأجل السفه، وإن العلة متساوية في سائر السنين مع أن الفاء ها هنا ليست للتعقيب، بل هي لتعليق جملة بجملة. وإنما تكون للتعقيب بغير مهلة في العطف على ما بيناه في كتاب الأصول.
وقول أبي حنيفة: إن ابن خمس وعشرين سنة يصلح أن يكون جدًا، لكونه