لكونه أضاف إليهم معائب تحطُّ أقْدارهم. وقال أشهب: يحلف المدعى عليه الغصبَ على كل حال. وكأنه رأى أن قصد (الادا والانتقاض) (?) إنما يتصور فيمن أضاف إلى فاضل أنه سرق مالًا لإنسان، ولا منفعة له في هذه الدعوى فعلم، بذلك أنه قصد الانتقام والإيذاء. فأما إن ادعى (نفسه فيه ضرورة إلى ذلك) (?) ويمكن أن يكون قال حقًا دعته الضرورة إلى ذكر هذا الانتقاص. ألا ترى أن الله سبحانه أوجب على قاذف المحصنات المؤمنات حد الفرية، ولم يوجب ذلك على الزوج إذا أضاف إلى المرأة أنها زنت ينتفي (?) الولد عنه، لأجل حاجته وضرورته إلى ذكر هذا، واكتفى في نفي الحد عنه بيمينه الأربع مرات على صدق دعواه.
وأما إن كان الرجل المدعَى عليه بالسرقة من أوسط الناس أو مجهول الحال، فإنه لا يعاقب المدعي عليه بالسرقة، لأن هذه الدعوى لا يبلغ إنقاصها مبلغَها في انتقاص الأفاضل والصلحاء، مع كونه مضطرًا إلى صيانة ماله بالدعوى.
وأما إن كان المدعى عليه مشهورًا بالتسلط والظلم والغصب والتعدي فإنه لا يعاقب المدَّعِي عليه الغصبَ لكون ما عرف من غصبه وظلمه يقوّي دعوى المدعي. وله أن يستحلفه، وللحاكم أن يهدّده، ويعاقبه لعله أن يُخرج ما غصبه. وهذا الضرب والتهديد إنما يتضح القول به إذا قلنا: إن ميت ضرب ليُخرج حقًّا كتَمَه، فأخرجه، فإنه يؤخذ بإقراره لأن سوء حاله، وما علم من ظلمه، مع إخراجه ما غصبه لو (?) سرقه على حسب ما ادُّعِي عليه به، كدليلين دلاّ على أنه ما أقرّ إلا بما عنده مما ادُّعِي، كما لو أقر وهوآمن.