وهكذا قال في المدونة في المسألة التي أشرنا إليها، لكنه شرط في الجواب أن لا يكون الولد في قيمته ما يُجبَر به عيب النقص الذي حدث بسبب الولادة.
وهذا لا يصح إلا أن تكون الولادة غلة للمشتري. وإذا كان له ملكًا لكونه غلة يستحقها بضمانه للأم، صحّ أن يدفعه في قيمة نقص الولادة. ولو كان ليس بغلة ولا يملكه المشتري، بل هو كعضو من أعضائها، لم يُجبَر به نقص الولادة.
واعتُرض هذا التخريج بأن قيمة عيب الولادة إنما يقضى فيه بمقداره من الثمن الذي دفع المشتري للبائع، لا بعرض يدفعه عوضاً عن هذا العيب. وهاهنا قد دفع الولدَ، وهو كعرض من جملة أملاكه عوضًا عن دنانير وجبت عليه قيمةَ عيب نقص الولادة. وألزِم البائعُ قبولَ ذلك منه. وهذا خلاف مقتضى الأصول.
وينفصل الآخرون عن هذا الاعتراض بأن هذا العيب سببه الولادة، والولد عنه يكون، فكأنه إنما جبر الشيء بنفسه، والأصل بفرعه، وكأنه نقص اقتضى زيادة، فَمَحَتْ الزيادة النقص حتى عادت الجارية لم يدخلها نقص. ويجبر نقص الولادة بقيمة الولد. قال أبو حنيفة وبكونه لا يجبر عيب الولادة قال غير ابن القاسم من أصحاب مالك.
وقد اعتمد من لم يره غلة على الاتفاق على أن الولد يتبع أمّه في الرق والحرية. فابن الحرة حرّ، وإن كان زوجها عبدًا، وابن الأمة عبد وإن كان أبوه حرًا.
وهذا قد يقدح فيه بأن هذه أحكام شرعية، فلا يقاس عليها غيرها من أحكام الضمان والإتلاف والتعدي، فإن هذه أحكام عبادات، وما نحن فيه