الصيرفيّ لمن استرشده في دينار، هو زائف أو طيب، ليأخذه ممن هو له عليه، فيقول له: طيب. والصيرفي يعلم أنه زائف، وتعذر بذله (?)، فإن الصيرفي في غرامته، لمن استرشده فكذَبه، قولان. وكذلك لو غرّ رجل رجلًا في جرة أراد أن يصبَّ فيها، فقال له: هل (?) صحيحة، وهو يعلم أنها مكسورة، فإن في ضمان الغارّ للزيت قولين.
ولو دل رجل رجلًا ظالمًا على مال أخفاه صاحبه، فأخذه الظالم لأجل دلالة هذا الدال عليه، لكان أيضًا في ضمان الدالّ قولان.
وذكر الشيخ أبو محمَّد ابن أبي زيد أن المتأخرين من أهل المذهب اختلفوا في ذلك. واختلافهم في هذا يشير إلى اختلاف ابن القاسم وأشهب فيمن (دل محرم على صيد فقتله المحرم) (?) فإن القاتل لم يلزمه جزاؤه من غير خلاف، والدالَّ له عليه حتى قتله فيه قولان:
ذهب ابن القاسم إلى أنه لا جزاء عليه فيه، وقدّر أن القول ليس بسبب ملجئ إلى تلف هذا الصيد.
وقال أشهب عليه الجزاء.
وهذا يشير أيضًا إلى الاختلاف الذي حكاه أبو محمَّد عن أصحابنا.
ويتعلق بهذا، الأمرُ لغيره بقتل إنسان، فإن المباشر يُقتل من غير خلاف، وفي الأمر الخلاف والتفصيل الذي نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
وهكذا لو شكا رجل رجلًا إلى والٍ ظالم، يعلم أنه يتجاوز الحق في المشكوّ إليه، ويغرّمه ما لا يغرمه (?)، والمظلوم لا تِباعة للشاكي عليه، فإنه فيه