العبادات خلاف حكم المعاملات. وإذا رتب الله سبحانه في عبادة فرضًا بعد فرض، فقام المكلف بالفرض الثاني لعجزه عن الأول، فلا يلزمه أن يعود إلى الأول، فيصير كالمكلف فرضين، والله سبحانه لم يوجب عليه إلا أحدهما، والمتيمم تيممًا في (?) عبادة لم تفرض لنفسها، فإذا لم يفعل المقصود بفرضها، فكأنه لم يفعل ما هو تبَع لها ومراد من أجلها، فيصير كمن حضرت الصلاة ولم يتيمم، والماء موجود في أنه لا يختلف في أن التيمم لا يجوز له.
ومن أعظم ما عولت عليه الشافعية في مناقضة المالكية والحنفية أنهم يقولون: إن المدبّر، عندكم، لا يجوز بيعه، وإن كنا نحن نجيزه، ثم إذا غصب (?) غاصب فأبق من يده، فإنكم تقضون بالقيمة عليه، والعين التي حرم الغاصب قيمتها مما لا يصح عندكم أن تباع ولا تملك، وهذا يشعر بأن القيمة في المغصوب عوض الحيلولة، لا عوضًا لِتمليك العين المغصوبة إذ المدبّر لا يباع، وكذلك أم الولد يضمنها الغاصب بقيمتها، وهي مما لا يباع عندنا وعندكم ولا يصح تملكها. ثم مع هذا تقضون بقيمتها على الغاصب. فدل هذا على أن القيمة ليست عوضًا عن تمليك الأعيان، بل لأجل الحيلولة.
وهذا من آكد ما يحتجون به.
ولكنا نجيب عنه بأن المدبر يُترَقب ملكه إذا مات سيده، وعليه دين يستغرقه، فلم يتحقق فيه انتفاء الملك.
وأما أم الولد فإن فيه عندنا قولين: ذهب سحنون إلى أنها لا يضمنها الغاصب، كما لا يضمن الحرة. فعلى هذا المذهب لا تصح مناقضتهم. وإن قلنا بمذهب ابن القاسم: إن غاصبها يضمنها، فإنها إذا قتلت لزم قاتلها قيمتُها على أنها رق، ويتملك السيد هذه القيمة عوض الرقبة، كما يتملك أولياء الحر ديته إذا قتل، وهو مما لا يحملك. فقد صار لسيدها حق في قيمتها إذا قتلت،