شرح التلقين (صفحة 2510)

إلا أن يستأنفا تراضيًا منهما على ما يجوز. وهذا إذا كان الغاصب لم يخف السلعة، وظهر أنه إنما امتنع من ردها على صاحبها عجزًا منه على ذلك، لا إخفى (?) للسلعة، ورغبة فيها، حتى يكون كالمكرِه لصاحبها على أخذ بدلها عوضًا عن عينها. وكان بعض أشياخي يرى أنه إذا لم يعلم كون الغاصب قد عجز عن ردها، ولم يكن أكثر من دعواه أن العبد أبق، أو السلعة خفيت عنه، ثم وجدت في يديه، فإنه لا يصدق في: إني قد كنت عجزت عن ردّها على صاحبها، وتعذر ذلك عليّ.

وهذا بناء منه على استصحاب الحالين، فحاله الأولى كونها في يديه، فصار مدعيًا لخروجها من يديه. والحالة الثانية كونها الآن بعد غرامته القيمةَ، ظهرت في يديه، فيُحمل على أنها كانت كذلك فيما سبق من الزمان. وهذا عندي مما ينتظر (?) فيه. وظاهر كلام أشهب أنه إذا اتُّهم بالإخفاء حلَف أنه لم يخفها. وكأنه رأى هذا لأنّ القيمة إنما يقضى عليه بها بناءً على تصديقه فيما ادعاه من العجز عن ردها. فإذا بُنيَ الأمر على ذلك، فإن حَمَله على أنه أخفاه حلف حينئذٍ لمقتضى الحكم بالقيمة.

وإذا تحقق أن الغاصب أخفاها، وثبت ذلك، فإنه لم يختلف مالك ولا الشافعي ولا أبو حنيفة في أن الحكم بالقيمة ينتقض إذا طلب صاحبُها نقضَه، وأخْذَ السلعة من يد الغاصب، لِمَا نبهنا عليه من كونه كالمكرَه على بيعها بالقيمة، والمكرَه بالبيع لا يلزمه البيعُ ..

ونحن، وإن كنا وافقنا أبا حنيفة، في أن الحكم لا ينتقض فإنا نخالفه في المشهور من مذهبنا في فصل آخر، وهو أن الغاصب إذا ادعى عجزَه عن ردها، وظهر صدقُه فغرم القيمة، على ما وَصف السلعةَ المغصوبة به، وحلَف على ذلك، وقد خالفه رئها على الصفة مثل أن يزعم الغاصب أنها على صفة تساوي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015