المقصودة منه وهو اللبس، والجمهور لا يلبسون الثياب المصبوغة إلا بعض الأقطار.
لما رأى الشافعي التفاوت بين هذين الحقين لم يبع على صاحب الثوب ثوبه بغير اختياره، ولا على الغاصب صبغه بغير اختياره، فقال: إنهما شريكان في الثوب المصبوغ: صاحب الثوب بقيمته أبيضَ، وصاحب الصبغ بقيمة صبغه.
وإذا قلنا بالمشهور من مذهبنا، وهو أن حق صاحب الثوب مقدم في أن لا يزال ملكه من يده بغير اختياره فإذا مكناه من أخذه فهل عليه أن يبذل عوضًا بدل الصبغ؟ اختلف المذهب فيه:
فقال ابن القاسم: عليه أن يبذل عوضًا عن ذلك. وعلى ما كنا حكيناه عن المبسوط من أنه إذا كانت المنفعة كثيرة لم يأخذه حتى (?) عوض الصنعة، أو يكونا شريكين. وكأنه ها هنا (?) بين اليسير والكثير تغليبًا لأحد الضررين ففي الإنفاق الكثير يشتد الضرر بالغاصب إن أُخذت صبغته بغير عوض، وفي اليسير يخف ذلك. وكأن من قال لا يأخذ الثوب حتى يأخذ قيمة الصبغ قدّر ذلك كعيْن قائمة، ولكنها، مع كونها عينًا قائمة، لا تتميز عن الثوب المغصوب، فهل يجب على آخذ الثوب عوض هذه العين بأن كانت لا تتميز، كما يجب عليه إذا أبقى بناءَ الغاصب في أرضه أن يعطيه لكونه عينًا قائمة؟ ولكنه يمكن ها هنا تميزه عن الأرض. أو يقال: إن الصبغ، وإن كان عينًا قائمة لا تتميز، فأشبه ما فعله الغاصب من الآثار التي ليست يأعيان كتلفيق (?) البناء والتزويق والتجصيص وشبه ذلك، فإنه لا يُعطى الغاصب عوضه. ولو غصب الغاصب ثوبًا من رجل وغصب منه نيلًا فصبغ به الثوب لكان