لا أمد يُنتَظر لصيانة بناء الغاصب وجب قلع الحجر في الحال.
وهذا فرق يتصور، ولكن إن راعيت الضرر في الانتظار إلى وصول السفينة لم يسلم هذا الفرق. ولكن يجب أن. تعلم أن كل موضع قلنا فيه: إن قلع اللوح لا يجب، فإن لصاحب (?) الطلب بقيمته لأجل ضرر الانتظار، ومع هذا له الخيار في التزام هذا الضرر وترك الطلب بالقيمة حتى يأتي الأمد الذي يمكن نزع هذا اللوح فيه، كما لو غصب رجل عبدًا فأبق في يده، فإن صاحبه بالخيار بين أن يغرمه القيمة؛ لأن (?) فيما يلحقه من الضرر في انتظار عودة الآبق، وله أن يتحمل مشقة هذا الضرر، وينتظر الآبق حتى يعود إليه. واعم أنّا قدمنا الكلام في مسألة من غصب خيطًا فخاط به جرحًا، ثم أتى صاحبه فطلب نزع الخيط. وهي مسألة كثر الاضطراب فيها، ونحن نذكر لك المقدمة التي وعدناك بالتنبيه عليها في صدر هذه المسألة.
وذلك أن الأموال تختلف مقادير جُرَمها في القوة والضعف. فالأموال التي هي جمادات، كالدنانير والعروض، لا حرمة لها في نفسها، وإنما تكتسب حرمة من جهة حق مالكها. وأما الحيوانات فإن لها حرمة من جهة مالكها كالجمادات، ولها حرمة في نفسها وهي جرمة الأرواح، فقد صار لجنس من الأموال حرمة واحدة وهو الجمادات، وللحيوانات حرمتان: إحداهما من جهة مالكها والثانية من جهة نفسها. وهذه الحرمة الثانية هي حرمة راجعة إلى نفس المحترمَ تختلف أيضًا بالقوة والضعف، فليست حرمة نفوس بني آدم كحرمة البهائم، ألا ترى أن من جبره السلطان على قتل رجل مسلم، لا ذنب له يستباح به دمه، وتوعّده بأنه إن لم يقتله قتله السلطان، هو نفسه، فإنه لا تحل له صيانة دمه بإتلاف دم غيره. ولو فرضنا المسألة في كون السلطان أمره بنحو ناقة رجل،