مقدار ما كان يربح فيها صاحبها لو تجر فيها يقوّم أقلّ ما يظن به أنه لو تجر بها لاستفاده، على طريقة عبد الملك بن الماجشون فيمن غصب دارًا فأغلقها، فلم يسكنها ولا أكراها، فإنه يطالب بمقدار كرائها، مع كونه لم ينتفع منها بشيء.
وقد ذكر ابن سحنون في شاهدين شهدا على رجل له دين على رجل آخر قد حل، أنه آخره به عامًا، فلما انقضى العام، رجعا عن شهادتهما، بعد أن حكم الحاكم بها، أنهما يغرمان ما يظن أن الذي له الدين لو أخذه لما حلَّ وتَجِر به في هذا العام الذي شهدا به عليه أنه تطوع بتأخير الدين إليه لاستفاده، إذا كان الدين المشهود بتأخيره عينًا أو مكيلًا أو موزونًا.
وهذا يشير إلى ما قلناه من إلزامْ الغاصب ضمان ما منع من فوائد الأموال.
وأما إذا كان الغاصب قد تجر بها وأفاد فيها ربحًا، فلا يخلو من أن يكون لما تجر بها موسرًا حينئذٍ يُعامل على ذمته، أو معسرًا يعلم أنه لولا المال الذي غصبه لما عومل.
فإن كان تجر بها، وهو موسر، كان الربح له، ولا يختلف في هذا على المذهب المشهور في أن الغاصب لا يضمن ما منع منه من فوائد.
فإن كان الغاصب معسرًا ففيه قولان: هل يكون الربح للغاصب إذا كان معسرًا أو يكون الربح لرب المال؟
وسبب هذا الاختلاف أن نماء المال لم يحدث إلا عن مجموع أمرين: أحدهما: نفس المال المغصوب والثاني: تجر الغاصب، ولو لم يعمل به الغاصب لم يَنْمُ المال. ولو حاول الغاصب. ما يشتريه وهو فقير لم يتمكن (?) له ذلك غالبًا. فقد تبين من هذا أن الربح حصل عن اجتماع أمرين: المال وفعل الغاصب في المال، فلا بد أن يستند إلى أقواهما سببًا فيه. فمن رأى أن المال