وقد ألزم سحنون على قوله: إن قيمة اليد إنما تعتبر يوم الغصب لا يوم قطعها. أَلاّ يفرق بين قطع اليد بجناية الغاصب أو بأمر لا صنع للخلق فيه. فإذا تعلق الضمان بفقدها باعتبار يوم الغصب، فلا فرق أن يكون فقدها من فعل الله سبحانه أو من فعل العباد، الغاصب أو غيره، كما أن إتلاف جملة العبد، لسيّده المطالبةُ بقيمته كلها، سواء كان هلاك العبد من قبل الله سبحانه أو من قبل أحدٍ من خلقه. ولو جنى العبد المغصوب وهو في يد الغاصب، جناية استحق بها المجني عليه أن يأخذ أرش الجناية أو يسلم العبدَ سيّلُه إليه، فإن السيد المغصوب، له تضمينُ الغاصب قيمة عبده لِمَا حَدَث فيه عند الغاصب من هذا العيب، كون الغاصب صار العبد عنده على حالة لا يمكن سيلَه التمكنُ منه إلا بغرامة يغرمها عنه، وقد قدمنا أن الغاصب يضمن بحدوث عيب يسير عنده، وإن كان بأمر من الله سبحانه لا صنع للخلق فيه، فكيف بهذا العبد، وهو الحيلولة بينه وبين عبده إلا بغرامة يغرمها عنه. فإذا اختار سيد العبد تضمين الغاصب قيمة هذا العبد لأجل العيب الذي حدث فيه سقط حقه في عين العبد، وكانت المحاكمة في الجناية التي جناها العبد بين الغاصب الذي ملكه بالقيمة، وبين المجني عليه،
فإن شاء الغاصب فداه بأرش الجناية، وإن شاء أسلمه في جنايته، ويحلّ في هذا التخيير محل سيد العبد، والحكم فيه هكذا بين سيده وبين المجني عليه، فكذلك يكون الحكم بين الغاصب الذي ملكه بالقيمة وبين المجني عليه.
هذا مذهب ابن القاسم. وكأن ابن القاسم اعتبر مبدأَ الحال، وحكمَ العيب الحادث، فَلَهُ أن يضمن الغاصب القيمةَ، وله أن يأخذ العبدَ، فإذا أخذه فهو الذي يغرم أرش الجناية، لكون العيب الذي حدث بهذا العبد أمرًا لا صنع فيه للغاصب.
وقد ذكرنا أن المذهب أن العيب إذا كان بأمر من الله تعالى لا صنع للخلق فيه، فإنه ليس لمالك العبد المغصوب، إذا اختار أخذ عين العبد، أن