ثوب يحرقه حتى لا يبقى منه شيء؛ أو بإذهاب منافعه التي يتملّك لأجلها؛ أو وضع يدٍ عادية عليه.
والإتلاف يكون بعلة مباشرةٍ، كمُحرِق ثوب بنار في يده، فإن الإتلاف علّة التضمين، وقد باشره من أحرق الثوب. أو بما يكون سببًا في وجود العلة، كحافر بئر على جهة العدوان قاصدًا لأنْ يقع فيها إنسان فوقع من ذلك ما قصد إليه. ولكنّ هذه الأسباب تقرُب من العلة المباشرة وتبعد بحسب ما يرد في مواضعه، كمن أزال قيْد عبد قيّده سيده مخافة إباقه، فابق، أو فتح قفَصا فطار ما فيه من الطير، إلى غير ذلك من المسائل التي يكثر تعدادُها، ويُلتفت فيها، على الجملة، إلى الأسباب التي يُقصد بها الإتلاف، ويقع عنها غالبا، أو ما لا يقصد به الإتلاف ولا يقع عنه غالبًا.
ثم اعلم أن العين التي أُتلِفت لاخفاء بوجوب الضمان فيها على المتلف، وكذلك إذا لم يتلف ذات الشيء، ولكن بطلت جميع منافعه أو جلها، حتى يصير الباقي في حكم العدم، فإن هذا يوجب الضمان فيه، كما يوجبه إتلاف جملة العين. ولا يختلف في هذا. لكن لو أتلف من منافع ذات الشيء ما هو المقصود في حق قوم يملكونه دون قصد قوم لو ملكوه فهاهنا اختلف الناس في ذلك: فذهب الشافعي إلى أن الضمان بجميع جملة ذات الشيء لا يجب.
ومذهبنا وجوب ضمان جملة الشيء وقيمته على الكمال. وهذا كمن قطع ذنب بغلة القاضي التي يركبها، أو غيره من ذوي الهيئات (والاقدر (?) الذي) يلحقهم العار من ركوب بغلة قد قُطع ذنبها، فعندنا أن فاعل ذلك يضمن جميع القيمة كلها كما يضمن قيمتها إذا قتلها.
وعند الشافعي لا يضمن جميع قيمتها اعتبارًا بما بقي فيها من منافع