الصلح على الإنكار إلى المعاوضة عن نفس المدعى فيه أوجب الشفعة بقيمة المدعى فيه. وهو أحد القولين. ومن صرفه إلى الافتداء من اليمين لم يوجب الشفعة على ما سيبسط القول فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.
والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال:
أمّا صلح المشتري عن عيب يطّلع عليه بالمبيع قبل أن ينفسخ العقد بالرّدّ بالعيب، فإنّه قد ذكر في المدوّنة، فيمن اشترى عبدًا بدنانير، فاطّلع على عيب، فصالحه البائع، على أن لا يقوم به، بشيء دفعه. وذكر حكم أنواع مِمّا يدفعه البائع في الصّلح عن هذا. ونحن نبدأ قبل ذكر أحكام هذه الأنواع بالتّنبيه على ما تستند إليه فروع هذه المسألة. فاعلم:
أن أصل ابن القاسم في هذا الأخذ بالأحوط، وصرف الصلح عن هذا العيب الّذي ذكرناه في المدوّنة إلى كونه استئناف مبايعة ثانية، بعد تقدير كون الأولى قد انفسخت. فيعتبر ما يحلّ ويحرم في هذه المعاملة الثانية. وتعرض هذا على ما تقدّم في كتاب البيوع، من تحريم ما يوقع في ربا أو بيع وسلف أو فسخ دين في دين. وأصل أشهب أن هذه المعاملة الثّانية، وهو الصّلح، ليس بفسخ العقد الأوّل تحقيقًا ولا تقديرًا، وإنّما هو معاوضة عن ترك منازعة وإسقاط حقّ في أن لا يقام بعيب. فيعتبر ما يجوز أخذه عوضًا عن إسقاط هذه المطالبة بالرّدّ، غير ملتفت إلى تقدير كون هذه المعاملة الثّانية استئنافًا لعقد بعد فسخ الأوّل.
وقد كنّا قدّمنا نحن ما يلاحظ هذه الإشارة لما ذكرنا اختلاف فقهاء الأمصار على جواز الصلح على الإنكار، وأن منهم من أحاله ومنع منه لكون المعاوضة إنّما تقع على عين المدّعى فيه، والمعاوضة عنه تستحيل في حقّ المدّعى عليه، فيجب أن يستحيل في حقّ المدّعي. وأنّ منهم من أجاز الصّلح على الإنكار وغلّب جانب المدّعي في تصوّر المعاوضة منه على جانب المدّعى عليه. وأنّهم عضدوا ذلك بأنّه قد ينصرف الصّلح إلى إسقاط يمين وجبت على