رد) (?). وكون النهي خارجًا عن معنى في البيع لا يمنع من فسخ العقد كالنكاح في العدة والإحرام. إلى هذا أشار القزويني وابن الجهم. فإذا قلنا بأنه لا يفسخ، فلأنّ المشتري بالخيار، إذا كان الناجش سأله البائع في أن يزيد ليعرّ به هذا المشتري، بين أن يتمسكَ بالثمن الذي بذل أو يفسخه ويرد السلعة على بائعها إن كانت قائمة، أو قيمتها، إن فاتت، بدل عيْنها.
وذكر ابن حبيب أن للمشتري هذا الخيار إذا كان الذي زاد، ليَغُرّه، من ناحية البائع كعبده وولده، وإن لم يكن البائع أمر بذلك. وكأنه رأى أن من كان من ناحية البائع لا يصدق البائع في أنه لم يأمره.
وأما إن كان أجنبيًا ليس من ناحية البائع، فالبيع لازم للمشتري، وقد باء بالإثم هذا الذي زاد ليغر غيره، والبائعْ لا إثم عليه لكونه لم يأمر بهذا،
والمشتري قد رضي به بالثمن؛ ولو شاء لتثبت واستشار من يعرف القيمة ووجه الصلاح في الشراء. ولو كان التغرير بالزيادة من جهة البائع لكان للمشتري مقال في رد البيع، مثل أن يقول البائع للمشتري: اشتريت هذه السلعة بمائة، فاغتر المشتري بقوله، ثم ثبت بالبينة أو الإقرار أن البائع إنما اشتراها بتسعين، فإن المشتري لا يلزمه ما بذله لكون البائع غره في هذا. وتغريره يوجب كون المشتري مستحقًا لرد سلعته عليه إذا شاء. ولا يقتصر في هذا على قول البائع الأول: أنما بعتها منه بتسعين، لأن المشتري صدقه فيما قال، ولو شاء لتثبت حتى يعلم صدقه أو كذبه. وقد روي في الحديث "غُبن المسترشد ظلم" (?).
وذلك بأن يشتري المشتري أمة بقول البائع: إن قيمتها كذا أو بعتها بكذا، فإن هذا لا يحل فمه الغبن ولا يختلف فيه. وإنما اختلف في الغبن الفاحش إذا لم يقع فيه من المشتري استرشاد واستسلام للبائع. وذكر ابن حبيب أنه لا خيار للمغبون، ولو كان الغبن كثيرًا، إذا لم يسترشد ويستسلم المشتري للبائع. وقد تقدم كلامنا على هذا الفصل في موضعه.