شرط أن لا يكون أراد الثاني الاسترخاص. هذا إذا حملنا كلام ابن حبيب على ما أراده أبو عبيد، ولم يحمله على أنه أراد أن الخطاب في هذا للمشتري لا للبائع في أن البائع لا يتعلق به حرج إذا باع من السائم الثاني، وإنما يتعلق الحرج بالسائم الأول.
وذكر أبو حامد الإسفرائيني: أن الحديث يحمل على البائع والمشتري، ولكنه أبقى اللفظ على ظاهره في العرف، فقال: معنى النهي أن يعقد البيع على خيار المجلس كما اقتضاه الحديث الوارد بثبوت خيار المجلس، فيأتي رجل آخر فيقول للمشتري: أنا أبيعك بأرخص. وكذلك لو أتى مشتر آخر فزاد على المشتري الأول. قال: وأما السوم فإنه إن. لم يقع تراكن فلا حرج فيه، وإن وقع التراكن ووكل البائع على العقد فالسوم يحرم على الثاني. وإن وقع التراكن ولم يوكل البائع على العقد ففيه قولان.
وهذا النّهيْ أشار ابن حبيب إِلَى قصْره على بيع المساومة لا على بيع المزايدة. ألا ترى أن السلطان يبيع على الميت والمفلس، فيستوجب البيع من اشترى منه ويتأنى السلطان ثلاثة أيام رجاء أن يأتي من يزيده في الثمن. وإن لم يقف عن هذا لكون من يأتيه ساوم على سوم أخيه المسلم، لكون هذا البيع إنما وقع على طلب الزائد، وعليه بني أول مرة. وإذا باع عقار المفلس وأشهره فنادى عليه الشهرين والثلاث، بأن يذكر صفته ونعته ويسميه، ثم يعقد ذلك فإنه يتأنى ثلاثة أيام أيضًا طلبًا للزيادة. ووصف بيع المساومة بأنه يقف الإنسان سلعته بمكان أو بحانوته منتظرًا من يأتيه يساومه فيها. فهذا يمنع السائم الثاني أن يدخل على السائم الأول إذا ركن البائع إليه، وإذا فأرقه الأول قبل أن يستوجب أو رد سومه عليه فإنه إذا عاد إليه لم يلزمه البائع السوم الأول. وبيع المزايدة بأن يطوف بسلعته على من يزيده فيها، وأن هذا يسوغ فيه دخول زيادة على زيادة. فإذا فارق البائع من أعطاه أوَلًا ثمنًا معلومأولم يوجب له البيعَ، ثم عاد إليه فإنه يلزم البيع الذي فأرقه قبل أن يعقدهُ على نفسه. وهذا الذي أشار إليه من افتراق حكم المساومة والمزايدة، في كون المشتري يلزمه بعد الافتراق ما أعطى من ثمن، ولا يلزمه في بيع المساومة، لا وجه له إلا الرجوع في ذلك إلى