يشترط فيه التراكن لأجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يخطب أحد علي خِطبة أخيه.
فورد أيضًا هذا الحديث عامًا، ولكنه خص بالحديث الآخر، لما أخبر - صلى الله عليه وسلم - بخِطبة أبي جهم ومعاوية. فقال: أما معاوية فصعلوك لاَ مال له، وأما أبو يهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، أنكحي أسامة. فلم يذكر نكيرًا على الثاني من الخاطبين المذكورين، فأشار بثالث، مع إعلامه بأنه قد تقدم قبله خاطبان. فاقتضى هذا بناءَ الحديثين أحدهما على الآخر، فيحمل حديث هذين الخاطبين على أنها لم تركن إلى واحد منهما، ويخص به عموم قوله: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه. الحديث ... فكذلك (?) في سوم الإنسان على سوم تقدمه، يحمل النهي على حصول التراكن. وأيضًا فإنْ مالكًا استدل في الموطأ على هذا التخصيص بأن ذكر أنه لو مَنَع مجرد السوم من غير تراكن من سوم رجل آخر، لأخذت أموال الناس بشبه الباطل من الثمن، ولم يشأ أحد أن يمنع آخر من بيع سلعته إلا ساومه فيها. وهذا عكس ما ورد به الشرع من النظر في مصلحة الناس وصيانة أموالهم عليهم. وقد حمل مالك وغيره من العلماء الحديث أيضًا على أن المراد به أن لا يسوم أحد على سوم مشتر، مع كون الحديث ورد بلفظ البيع. لكنهم ذهبوا إلى أن البيع في اللغة يطلق على الشراء وقد قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (?) وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (?) والمراد من هاتين الآيتين ما باعوا به. فأشعر هذا يكون اللفظتين تنوب إحداهما عن الأخرى. لكن حمل بعت على اشتريت ذكر عن أهل اللغة. وأنشدوا في هذا:
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له ... بتاتًا ولم تضرب له وقت موعد (?)
وأنشدوا أيضًا: