شرح التلقين (صفحة 2230)

فأما من يدخره وقد جلبه إلى مدينته، فإنه لا يمنع من خزنه وادخاره رجاء غلائه. وقد روى مالك في الموطأ: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال إلى فضول أذهاب عندهم فيشترون بها من رزق الله الذي نزل بساحتنا. لكن من جلب على كبده في الشتاء والصيف، فذلك ضيف عمر، يبيع إذا شاء، ويمسك إذا شاء (?). فأخبر أن الجالب المسافر إلى مدينة بالطعام بخلاف الساكِنِ بها المشتري للطعام منها. فأباح ذلك للجالب.

قال مالك: وكذلك الزارع. ونَهَى عنه المقيمَ بقوله: لا حكرة في سوقنا. ووجه هذه التفرقة أن الجالب للطعام لم يزاحم أهل البلد على شرائه،

فيكون ذلك سببًا في غلائه، بل ربما كان الجالب سببًا في رخصه لتكثير ما يقدم به هو وغيره من المسافرين بالطعام. وكثرة الشيء تقتضي رخصه.

وقاس مالك على هذا الزارعَ، لكونه مشاركًا للجالب في هذا المعنى، لأنه أيضًا لم يزاحم الناس في شراء الطعام؟ بل زراعته وزراعة غيره تكون سببًا في رخصه بإذن الله تعالى.

وأما المملوكات فإنها تكون أقواتًا كالحبوب والقطاني وما في معنى ذلك، وتكون غير أقوات كالعروض وما في معناها.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

أما حالة الادخار، فإن الادخار لغير الجالب والزارع، إذا أضر بأهل البلد شراء أحدهم لطعام يختزنه ويدخره رجاء غلائه، فإنه يمنع من ذلك. وهذا لا يختلف فيه.

وكذلك غير الطعام من سائر المتملكات التي تكون المسامحة بشرائها والتَّجر بها سببًا لإضرار الناس بغلاء أسعارهم ولحوق الضرر بهم، فإنه ممنوع من ادخارها وشرائها للربح. لأن التمكين من هذا لرجاء المنفعة لا يقايل ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015