وقد اعتُذِر عنه في هذه التفرقة بأن البائع، لما اشترى الولد بعد أن باع الأمّ على الخيار فيها للمشتري، أتُّهِم فيها على أنه قصد بها إبطال حق المشتري في الخيار في الأم، فلم يمكّن من إبطال حقه في الخيار، وأن تُرَدَّ الأمة التي باعها منه إلى يديه؛ ويمنعه من إمضاء الشراء فيها على حسب ما يقتضيه ما كان له من الخيار فيها.
وهذه التهمة لا تتصور إذا كان الخيار في الأمة للبائع؛ لأنه قادر على ردّها إلى ملكه، سواء اشترى ولدها أو لم يشتره. فلما تصورت التهمة في شأن شراء الولد إذ كان الخيار في الأمّ للمشتري، واتُّهم أنه قصد إلى إبطال حق المشتري منع ما قصد إليه ومضى البيع على ما كان عليه.
وكذلك يعتذر عنه بإجازته ها هنا جمع السلعتين في البيع إذا كان الخيار للمشتري، لأجل ما كنّا أشرنا إليه من الضرورة إلى الوقوع في مثل هذا إذا مكّنّا المشتري من إمضاء الشراء. كما لو وجدنا أمًّا في يد رجل وولدها في يد آخر، فإنّا نجمعهما في البيع عليهما، إذا لم يعلم هل هما في أيْدِيهما ببيع فنفسخه، أو بغير ذلك مما لا يصحّ فسخه. وكذلك لو كانا في أيديهما ببيع، وفات المبيع بحوالة أسواق، فإنّا نبيعه عليهما لما امتنع الفسخ بحوالة الأسواق، إذ لا يمكن جمعهما إلا كذلك.
فكان ابن القاسم يلجىء إلى الفسخ هربًا من جمع السلعتين، إلا أن تدعو الضرورة إلى جمعهما في البيع فيستخفه لأجل الحاجة إليه.
والجواب عن السؤال الثامن أن يقال:
قد تقدم في غير هذا الكتاب الكلام على ملك أهل الحرب ما في أيديهم، وأنّا نستبيح أموالهم بالشرع إذا قدرنا عليها. وأشرنا في هذا الكتاب إلى هذا المعنى لما تكلمنا على مراباة أهل الحرب ووطء نسائهم. وبالجملة ملكهم ناقص عند من قال: إنهم مالكون لقوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} (?). وهذه