شرح التلقين (صفحة 2183)

إن أسلم ذميّ إلى ذميّ دينارًا في دينارين، فإنّه إن أسلم الذي دفع الدينار لم يكن له سواه، لكون الفسخ على مقتضى دين الإِسلام، الذي رجع إليه لا يوجب له إلاّ رأس ماله، ولا مضرة على المسلم إليه الذي بقي على دينه، بل الفسخ أنفع له لكونه إذا لم يفسخ ذلك ألزم ديناران فإلزامه دينارًا واحدًا منهما أنفع له وأخفّ عليه. وأمّا إن أسلم الذي عليه الدّيناران فإنّ مالكًا رضي الله عنه، قال: لا أدري. لأنّه إذا فسخ العقد في حقّ هذا المسلم لحق النّصراني ضرر بإسقاط دينار كان استحقه لما عقد هذا العقد، والمتعاقدان نصرانيان. فإن أمر الذي أسلم بدفع دينارين فقد تمّم العقد وأمضاه عليه، وهو في دين الإِسلام محرّم ممنوع.

وقد ذكر في الموازية في نصراني أسلم دينارًا في دراهم إلى أجل لنصرانيّ مثله، ثم أسلم دافع الدّينار، فإنّه يفسخ العقد في حقه خاصة. لكون هذا حرامًا في دين الإِسلام. ولا يفسخ في حقّ النّصراني الذي بقي على دينه. وإذا لم يفسخ في حقّ النّصراني قضي عليه بإخراج الدراهم الّتي في ذمته. ونهي المسلم عن أخذها، لئلا يكون متهمًا لعقد عقد على ربا. فتباع الدّراهم، ويشتري بها دينارًا. فإن قصرت الدراهم عن الدّينار كان ذلك مصيبة على دافع الدّينار. وإن ساوته أخذ الذي أسلم الدّينار رأس ماله. ووافق ذلك طريقة من فسخ العقد في حقهما جميعًا وردَّ رأس المال. وإن فضل من الدّراهم فضلة ردّت للنّصراني، لكون المسلم حرام عليه أخذها. فتعود إلى ملك النّصرانيّ الّذي دفعها. وهذا كالأمر بردّ رأس المال فيمن أسلم دينارًا في دينارين. ولكنه ها هنا لمّا كان قد يلحق النّصراني ضرر في القضاء عليه بدينار، لكون الدراهم نقصَ قيمتها عن الدّينار، أو لتعذر الدّينار عليه، روعي حقّه في ذلك، على حسب ما قلناه.

وأمّا إن أسلم دينارًا في خمر، والمتعاقدان على ذلك نصرانيان، فأسلم الّذي عليه الخمر، فإنّه يفسخ العقد في حقه، ويردّ رأس المال، ولا يراعى في ذلك حقّ التصرانيّ، لكون الخمر يستحيل من المسلم تملكها في شَرعه، ولا يجوز له شراؤها. فصار النصرانى وإن تعلّق له حق بأن لا يفسخ العقد، ويطلب الخمر التي أسلم فيها، فإنّه لمّا استحال وجودها عند المطلوب استحال طلبه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015