النّصراني وطلب به المسلم احتاج إلى أن يرفع إلى القاضي فيحكم له عليه، فإذا حكم له القاضي عليه صاركحاكم بإمضاء بيع الخمر، والحكم بذلك لا يصح، فعدل القاضي عن ما لا يصح حكمه إلى ما يصحّ الحكم به وهو الصدقة بمال كأنّه لا مالك له، وقد كنّا قدّمنا عن بعض أشياخي في كتاب الردّ بالعيب أنّه كان يرى أنّ المذهب على قولين في البيع هل. حقيقته العقد خاصّة أو التفاصُل لما تقدم العقد عليه، وإذا لم يحصل قبض الثمن فكأنّ البيع لم تحصل حقيقته فلم يكن للقاضي أن يستأنف حقيقة البيع ها هنا. وقد ذكر في المدوّنة في كتاب الردّ بالعيب في ذميّ باع من مسلم جارية بخمر، ففاتت في يد مشتريها بعتق أو استيلاد، فإنّه يرد قيمتها للذميّ، ويغرم الذميّ مثل الخمر فيكسّر عليه. وهذا هو أحد الأقوال الثلاثة، التي قدّمناها، من نقض البيع من أصله وردّ كل مبيع لبائعه. أو ردّ قيمته إن فات. وعلى ما ذكرناه من القول الآخر لا يردّ القيمة إلى بائع الجارية لكن يتصدّق بها.
وممّا لا يلحق بهذا النّظر في معاملة الذمّييْن على ما لا يجوز في شرعنا ثم أسلما بعد المعاملة، أو أسلم أحدهما، فلا يخلو: إمّا أن تكون المعاملة نجزت بين المتعاملين، وهما كافران، بتقابض الثمن والمثمون، وكان إسلامهما بعد ذلك، أو أسلما قبل أن يتقابضا لا الثمن ولا المثمون، أو أسلما بعض بعد أن تقابضا أحد العوضين، إما الثمن وإما المثمون.
وهذا تقدم قبله أن تعلم: أن عقود المشركين فاسدة يصححها الإِسلام على ما سنبيّنه في كتاب النكاح، إن شاء الله عزّ وجل. ونذكر فيه الاستدلال على هذا. بتخيير النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أسلم على عشرة نسوة في أن يفارق ستّا منهنّ ويتمسّك بأربع (?). وقد قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (?) وقال عليه السلام: "الإِسلام يَجُب ما قبله" (?) وهذا لا يختلف فيه