جاز رضاه بذلك. فإذا تجرّد الحقُّ للعبد جاز الشّراء، ومنع الإمامُ من يملكه من أذاه والإضرار به، وفعله للإضرار يزول بعقوبة المشتري عليها. فلم يجب منعه من الشراء.
وأما إن كان العبد المشترَى ليس من أهل الكتاب، كالمجوس والصقالبة والسودان، فإنّه إذا حاول شراء عبد منهم يهودي أو نصراني، فإنّ المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك ليس بحرام. قال مالك في المدوّنة ما علمته حرامًا وغيره أحسن منه. وأطلق الجواب في الصغير منه والكبير.
والقول الثاني: أنهم يمنعون من ذلك في صغير أو كبير. ذكرهُ ابن عبد الحكم.
والقول الثالث: أنهم يمنعون من ذلك في الصغار دون الكبار. وذكره في العتبيّة قال: وإن اشتروا الصّغار فسخ البيع.
واشترط في غير العتبَيّة أنّ فسخ البيع ما لم يتديّن الصغير المبيع بدين.
وتَوجيه هذا الخلاف يلتفت فيه إلى الخلاف في وجه آخر، وهو جبر من اشتْرِي من المجوس على الإِسلام. فظاهر المذهب أنه إذا تديّن بدين، واستمر عليه، لم ينقل عنه، ولا يجبر على الرجوع إلى الإِسلام. وأمّا إن لم يتدين بدين مثل من سبي منهم. فإنّ ظاهر المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها أنه يجبر على الإِسلام وإليه ذهب أصبغ.
والثاني أنه لا يجبر على الإِسلام.
والثالث التّفرقة بين الصغير والكبير. فيجبر الصغير ولا يجبر الكبير.
فيتضح مع القول بالجبر منع اليهودي والنّصراني من شرائهم، لأن منعهم من ذلك يقتضي (ألاّ يملكهم الإِسلام) (?). فإذا ملكهم جبر على الإِسلام، فلا ينبغي تسهيل طريق إلى الظلال مع القُدرة على الهداية إلى الإيمان.