اشتراط نصف مال عبد، جميعُه للبائع، فإنه يمنع هذا في اشتراط نصف المال المقابل للنّصف المبيع. ومن أجاز ذلك في جميع العبد فقد يجيزه ها هنا لأنّ البائع سلم من المال جميع ما كان يقدر على انتزاعه من العبد، وهذا إنّما يقْدِر فيه على الانتزل إذا أذن له شريكه في ذلك، لأنّ العبد المشترك لا يمكن أحد الشّريكين أن ينتزع من المال مقدار نصيبه فيه إلاَّ بإذن شريكه. فكذلك ما ذكرنا ها هنا إنّما يمكّن المشتري من الاشتراط إذا رضي الشّريك الذي لم يبع بذلك.
ولو كان البيع لهذا النصيب من الشريك الذي له النصف الآخر، فإنّه يمنع منه، إذا عقد البيع على الإطلاق، لحقّ الشريك في منع شريكه من انتزاع المال، وإطلاق البيع يقتضي بقاء المال للبائع، فيضير بائع نصيبه من العبد إذا أطلق العقد كمنتزع نصيبه من المال. لكن سحنون ذكر أنّ هذا النصيب المبيع إذا باعه مالكه من شريكه واشترط شريكه المال فإن ذلك جائز، يقدّر أنّ الانتزاع وقع بإذن الشريك لما اشترطه. ومقتضى هذا الذي قاله سحنون أنّه يجوز البيع أيضًا على الإطلاق، ويكون الشّريك كالآذن لشريكه في الانتزل أيضًا. وإذا كان البيع من غير الشريك منع من البيع على الإطلاق لكون نصيب البائع من المال يبقى في يد البائع. وأمّا إن اشترطه المشتري ملكًا للعبد فإنّ ذلك يجوز على ما كنّا قدّمنا، لكون المال لم يقع فيه انتزل بل بقي على ملك العبد، على حسب ما كان عليه قبل البيع. ولو كان بعض العبد حُراًّ لمنع مَن له فيه الملك من البيع على الإطلاق، لكون المال يبقى له، فيكون ذلك انتزاعًا أيضًا. وذكر ابن أبي زمنين عن سعيد بن حسّان بأنّه يمنع المشتري لعبدين أن يستثني مال أحدهما.
وهذا الذي ذكره إنّما أجرى هذا الاستثناء فيه مجرى استثناء نصف مال عبد واحد اشتراه. وقد يلتفت فيه عندي إلى ما كنّا قدّمناه في كتاب الردّ بالعيب في الصّفقة، إذا جمعت حلالًا وحرامًا، فإنّ كل واحدة من السّلعتين تعطى حكم نفسها، على أحد القَولين. فمقتضى هذا أيضًا أنّ استثناء أحد العبدين ها هنا لا يكون كاستثناء نصف مال عبد واحد.
ولو حدث للعبد مال في أيّام العهدة أو في أيام الخيار إذا بيع على خيار،