قول المعير في مقدار ما أذن المستعيرَ أن ير هنا (?) فيه لأن المستعير كموهوب له والمعير كواهب. والقول قول الإنسان فيما وهب من ماله.
ولو كانت قيمة الرهن ها هنا عشرة، والمعير يقول: ما أعرتها إلا على أن يرهنها في خمسة. فحلف المعير وأخذها إذا قبض من هي في يديه خمسة، ثم لا يكون قيمتها حجة على المستعير في أنها رهن في عشرة التي هي قيمتها، لكون المعير لما حلف استحق ارتجاعها فخرجت بذلك عن أن تكون رهنًا.
فصار القول قول المستعير في مقدار ما تسلف عليها لكون المسلف له لا رهن بيده يحتج به، والرهن إنما يكون شاهدًا على نفسه على ما سنذكره في كتاب الرهن ونذكر الخلاف فيه، إن شاء الله تعالى.
ومما يلحق باختلاف الوكيل والموكل قول الوكيل: أمرتني أن أبيع لك هذه السلعة. وقال ربها: بل بعتها منك. وقد باع هذه السلعة من زعم أنه وكيل على بيعها، فإن ربها يحلف على أني ما وكّلتك على بيعها، ويحلف من زعم الوكيل على أنه لم يشترها، ويرتجعها ربها إن كانت قائمة، وإن فاتت فقيمتها بدل عينها تؤخذ من مُفِيتها، إلا أن تزيد القيمة على ما يدعيه ربها من الثمن فلا يزاد، لاعترافه أنه لا يستحق أكثر من الثمن الذي يزعم أنه باعها به ممن زعم أنه وكله على بيعها.
وقد عورض هذا بأن هذا الاختلاف تضمن الاتفاق منهما على أن مشتريها من هذا الذي يزعم أنه وكيل على بيعها، وقد عقد منه شراءها بوجه لازم. فإن كان ربها صدق في أنه باعها، فهذا الذي باعها من هذا المشتري التي تؤخذ من يديه، باع منه ما ملك، وما يلزم فيه بيعه على مقتضى دعوى رب السلعة. وإن كان الذي زعم أنه باعها (?) بيع وكالة فلا يسوغ لربها أن ينتزعها من يد من اشتراها من يد وكيله. لكن إنما كان المذهب في هذا ما قدمناه من تمكين ربها من أخذها إذا حلف على صحة دعواه لكونه لم يقر بصحة بيع (هذا الذي زعم أنه