بجعل، والمقارض، والأجير المشترك لما ذكرناه من كون الشيء في أيديهم فيشبه ذلك الرهبان والعين المستأجرة. وهم. لم يختلف القول عندهم في الرهبان والعين المستأجرة أن قابضها لا يصدق في الرد.
هذا حكم دعوى الوكيل أنه رد الأمانة إلى يد من ائتمنه عليها.
وأما دعواه ردها إلى غير من ائتمنه عليها، مثل أن يؤمر بأن يخرج من ذمته إلى ذمة أو من أمانة إلى أمانة أو من ذمة إلى أمانة أو من أمانة إلى ذمة.
وذلك أن يقول الموكل لمن له عليه دين: اقضه عنه لمن له علي مثل ذلك. أو يقول: أودعه لي عند فلان. أو أخرجه من ذمتك وأَبْقِهِ وديعة عندك. أو يقول له: الوديعة التي لي عندك أسلفها لفلان أو: أودعها لي عند فلان.
فإذا تصورت هذه الأقسام الأربعة، فإنه لم يختلف المذهب في الموكل إذا قال: اقض عني الديْن الذي علي لفلان أنه لا يصدق في أنه دفع ذلك فيمن أُمر بدفعه إليه إذا أنكر ذلك من أُمر بأن يدفع إليه.
وكذلك يختلف الشافعية في هذا أيضًا.
والعلة في هذا: أن قوله: اقض عني الديْن، يتضمن هذا اللفظ أن يبرىء ساحة الوكل منه لأن قضاء الشيء على الذمة منه. والذي أمِر الوكيل بالدفع إليه إذا أنكر أن يكون قبض من الوكيل شيئًا بقي حقه على الموكّل على حسب ما كان، فقد ضيّع الوكيل أو لم يبرىء ساحة الموكل والظاهر أن هذا الاتفاق إنما جعل إذا قال الموكل: اقض عني هذا الدين. لكون لفظة القضاء يتضمن عندهم الذي بينّاه.
ما سوى هذا الوجه الواحد من بقية الأقسام التي ذكرناها، المذهب فيها على قولين: هل يصدق الوكيل في امتثال ما أمر به أم لا؟ لكن المشهور في المذهب أن على الوكيل الإشهاد، إذا أُمِر بالدفع إلى غير من دفع إليه. لكن أمره بأن يخرج من ذمته إلى أمانته فيه قولان مشهوران: فذكر في المدونة فيمن عليه طعام من سلم فقال له مستحق ذلك عليه: كِلْه في غرائرك. فقال: كِلْتُه وقد ضاع بعد كيلي له، أنه لا يصدق.