الجارية. ولم يذكر غرامة قيمة ولدها. ولكن سحنون تيمم المسألة في غير المدونة بأن قال: يأخذ الوكيل الجارية وقيمة ولدها. وعلى هذا أمضى الأشياخ من حمل ما في المدونة على أن قيمة الولد يؤخذ مع ارتجاع الأم. ولا يحسن عندي التصميم على أن مراده من المدوّنة إلزام الموكل قيمة الولد. ولا أجري المسألة على الخلاف في المستحقة، لكون الوكيل فرط في إعلام الموكل أن التي أنفذها له ليست هي التي اشترى للموكل. وإنما صُدق الوكيل إذا لم تفت الجارية لكون ما ذكره ممكنًا. فإذا فاتت بالاستيلاد والعتق لم يحسن إبطال حق الله فيها بدعوى الوكيل ما الظاهر خلافه لتعلّق حقين بها، حق الموكل، وحق الله سبحانه.
وقد أشار في كتاب ابن حبيب إلى هذا المعنى واقتصر على التزام الموكل لقيمتها، ولا قيمة عليه في الولد لكونه أباحها للموكل، وسلطه عليها مع تجويزه أن يستولدها، فلم تكن عليه غرامة فيما سلطه عليه. وإذ لم تقم بينة على صدق الوكيل، ولكن الموكل صدقه بعد أن أعتقها أو استولدها فإنه لا يبطل حق الله سبحانه فيها باتفاق هذين الوكيل والموكل على إبطاله، يُمنع الوكيل من ارتجاعها، ويُمنع الموكل من إيقافها على مقتضى أحكام ما فعل من عتق واستيلاد، لكونه مُقرًّا بأن ردّها يجب على الوكيل، ولكن الشرع منعه منه.
وقد ذكر في الموازية فيمن وكل على شراء جارية بمائة دينار فاشتراها للموكل ثم حبسها لنفسه، واشترى جارية أخرى للموكل وأنفذها إليه، فإن الموكل بالخيار في أن يمسك التي أنفذ إليه لكون الوكيل مقرًا أنه إنما اشتراها له. وتنتزع من يده الأولى التي اشتراها له الموَكَّل. فيحصل له الجاريتان، الأولى لحكم الوكالة على شرائها، والثانية بحكم مَا جُعِل له من الخيار فيها، وإن شاء أمسك إحداهما، أما الأولى فله إمساكها خاصة بحكم الوكالة، وردّه لما جعل له من الخيار في الثانية. وأما إمساك الثانية خاصة دون الأولى بالإجازة لما فعله من المعاوضة، وذكر أن المأمور إذا وطئ الأولى التي أمسك لنفسه