الذي ذكرناه يقدر صفقة أو صفقتين، في ما سلف من هذا الكتاب.
ولو أمر رجل رجلًا أن يبيع له عبده بمائة دينار في سوق سمّاه له، فباعه بمائة دينار في سوق آخر، فإن أبا حامد ذكر أن الوكيل لا يكون متعديًا, لأن الغرض تحصيل الثمن المحدود لا عين السوق المذكور. بخلاف أن يأمره أن يبيعه من رجل سماه بمائة دينار، فباعه من رجل آخر بمائة دينار, لأن الموكل قد يكون غرضه بذكر فلان للإحسان إليه بتمليك هذا العبد، أو الإحسان إلى العبد بكونه يملكه هذا دون سواه.
وهذا الذي قاله في تبديل الأشخاص واضح. وأما تبديل الأسواق ففيه إشكال، هل يتصور للموكل غرض صحيح في تعيين السوق؟ إمالك ون الزيادة ترجى فيه دون غيره، أو لكون البيع فيه أقلَّ شغبًا على البائع وأنفعَ له. فإذا تصوّر الغرض لم يكن فرق بين تبديل الأشخاص أو الأسواق. والعقلاء يحمل كلامهم على الأغراض الشرعية. وأصل الشرع ألاّ يتصرف في ملكه أحد إِلاّ بحسب ما أذن فيه. لكن لو علم أن ذلك السوق لغو مُطَّرح في خطاب الموكّل لكان ما ذكره صحيحًا.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
اختلف الناس في شراء من أذن له في التصرف في مال غيره شرعًا، كالأب والوصي.
فمنهم من ذهب إلى جواز ذلك لهؤلاء. يُحكى هذا عن الأوزاعي.
والقاضي أبي (?) محمَّد عبد الوهاب هذا مقتضى مذهبه, لأنه قد أجاز ذلك للوكيل، فأحرى أن يجيزه الأبَ والوصي. وذكر بعض أصحاب مسائل الخلاف هذا عن مالك.
ومنهم من ذهب إلى منع جميع هؤلاء من ذلك.
وأجازه الشافعي للأب خاصة دون الوصي والوكيل. والجدّ أبو الأب