بإمضاء العقد. فمراعاة حق الغير في هذا اقتضت التفرقة بين الوكالة على البيع والوكالة على الشراء.
وقد ناقضهم أبو حامد الإسفرائيني في هذا بأنه لو قال له الموكل: اشتر لي سلعة بمائة دينار. فاشتراها الوكيل بمائة وعشرة، فإن ذلك لا يلزم الموكل، كما لا يلزمه ذلك إذا أمره أن يبيع سلعته بمائة فباعها بتسعين، مع كون الوكيل يُتَصَوَّر فيه أن يطالب، في الشراء، بالثمن الذي عقد به، ولا يطالب في البيع.
ثم هذا (?) استوى الأمر في الوكالة على اببيع والشراء في أن ذلك غير لازم للموكل.
عندي (?) أنه قد يقول القوم في هذا بأن النص على مقدار الثمن في البيع لا احتمال فيه ولا إشكال، ولا يصح دعوى العموم فيه. فلهذا لم يلزم الموكل البيع. وأما إذا أطلق ولم ينص على مقدار الثمن فإنه يجب حمله على العموم، وتخصيصه بالعرف كتخصيص العموم به. وفيه اضطراب بين أهل الأصول.
هذا، على أنّهم ينازعون في ثبوت هذا العرف.
وأما صاحبا أبي حنيفة فإنهما قدّرا أن النقد والنسيئة من صفات الثمن، والصفات يعمّها لفظ الوكالة. كما لو قال: اشتر لي أمة. ولم ينص الموكل على قبيلتها. فإن للوكيل أن يشتري أمة من أي قبيلة كانت. بخلاف كون الثمن بخسًا فإنه نقصان في مقداره، وذلك خارج عن الصفات، وذلك مخالفة الجنس.
فمأخذ الاختلاف في هذه المذاهب قد بينّاه. لكن إذا حصل هذا التقدير فما الحكم فيه؟
أما إذا وكله على بيع سلعة، وقلنا: إنه منهي عن بيعها بغير العين، فإنه إذا باعها بعرض آخر، فإن كانت السلعة قائمة التي وكل على بيعها، كان الموكل بالخيار بين أن يفسخ العقد لكونه عَقد على خلاف ما أمر به في ملكه، أو يجيزه