شرح التلقين (صفحة 2041)

غير لازم في الحالين، قياسًا على الإبراء، وعكس استيفاء الحق وقبضه الذي يستوي فيه الحالان في تمكين الوكيل من القبض، فكذلك يجب أن يستوي الإقرار في الحالين في كونه غير لازم.

ويرى أبو حنيفة أن الخصومة معنى التوكيل عليها اقتضاء الجواب من الخصم، وجواب الخصم يكون بنعم، ويكون بقوله: لا. فمن وكل على الخصومة فقد وكل على الجواب الذي يطلب منه خصمه. والجواب يكون باللفظين جميعًا الإقرار أو الحجود. فوجب أن يكون للوكيل الإقرار والتصديق كما كان له الحجود والتكذيب.

وأجيب عن هذا بأن الخصوم (?) معناه المدافعة والمعاندة، والإقرار مساعدة وموافقة، فلا يصح أن يتضمن الشيء ضدّه. بخلاف الإنكار، فإن الإنكار والجحود هو في معنى المخاصمة التي هي مدافعة. فلهذا مكن الوكيل من الجحود والإنكار، ولم يجب أن يمكن من الإقرار لأن تمكينه من ذلك ضد المخاصمة، والمخاصمة أصل والمجاوبة فرع، وإذا عاد الفرع بمناقضة أصله ومضادته بطل في نفسه دون أصله.

وقد صار بعض حذاق أصحاب أبي حنيفة بلى أن انطلاق المخاصمة بالإقرار والحجودِ مجاز، وإنما الحقيقة المخاصمة خاصة، وانطلاق اللفظة الواحدة على حقيقتها ومجازها لا يصح، كما لو قال: اقتل أسدًا، لكان المكلف مخيّرًا في سائر الأسود البهيمة، لا في رجل شجاع، يسمى على جهة المجاز أسدًا، لكون الحقيقة معناها استعمال اللفظة في ما وضعت في الأصل له، ومعنى المجاز استعمال اللفظة في ما لم يوضع في الأصل له. فهما أمران متناقضان، فلا يصح أن يراد بالكلمة الواحدة معنيان متناقضان.

وهذا يقتضي قصر الوكيل على المخاصمة خاصة دون الإقرار لئلاّ يقع في ما منعناه من انطلاق اللفظة على حقيقتها ومجازها معًا. والإنكار قد تظهر فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015