شرح التلقين (صفحة 2027)

وهذا استدلال ضعيف، والقصد به ذم من لم يؤمن، ألا تراه قال تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} (?) وهذه أوصاف الكفار.

وتعلقوا بقوله، عليه السلام: "من ولي بين اثنين فَليسَاوِ بينهما في المجلس والنظر" (?). وهذا يقتضى حضور الخصمين جميعًا حتى تقع المساواة بينهما.

وهذا كما كتب عمر، رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعري: "ساو بين الخصمين من مجلسك ولفظك ولحظك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأَس ضعيف من عدلك" (?).

وهذا التعلق أيضًا ضعيف, لأن المساواة تحصل بين الوكيل والخصم والوكيل يحل محل الموكل، والمساواة ها هنا بين الوكيل والخصم كالمساواة بين الموكل والخصم، مع كون الخصم له أن يوكّل فيستويان في سائر الأحوال.

فإذا لم يمنعه من ذلك فقد وقعت المساواة بينهما.

وهكذا إن قالوا: أحد الخصمين يتمرّث بالخصومة وحضور مجلس المحاكمة، وقد يضع من نفسه بذلك، فإذا وكل الآخر وتنزه عن ذلك لم يستويا, لأنه، أيضًا، لم يُمنع هو من أن يوكِّل، واختار أن ينوب بنفسه، فترْك المساواة بينهما من قِبَله لا من قبل الحاكم.

وتعلق بأن (?) لا تنقل الشهادة عن شهود حاضرين، فإذا لم تقبل شهادة الفرع مع حضور الأصل فكذلك لا تقبل الوكالة مع حضور الموكل إذا لم يرض الخصم بذلك.

وأجيب عن هذا بأن لسان الوكيل كلسان الموكل وكلامه ككلامه، وشهود الفرع إنما شهدوا بنقل شهادة، وشهود الأصل شهدوا بالحق من أصله، فلم يكن ذلك كالوكالة. وأيضًا فإن القاضي يلزمه البحث عن عدالة الشهود، فإذا التزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015