شرح التلقين (صفحة 1996)

يبطلان جميعًا، على حسب ما كنّا قدّمنا في كتاب البيوع الفاسدة، وذكرنا مواضع الخلاف فيه.

وهذا الّذي قاله قد يتجه تسليمه له في شرط اتّفق على منعه وفساده، كمن باع ثوبًا وشرط على المشتري أنّه يضمنه له بعد قبضه، فإنّ هذا الشّرط لا يصحّ ثبوته باتّفاق. وأمّا إن كان شرطًا مختلفًا فيه اختلافًا مشهورًا، فإنّ الشّرط قد يصار إلى إمضائه، كما قيل في بيع الغائب: إنّ ضمانه من البائع إلاّ أن يشترط البائع ضمانه على المشتري فيصحّ شرطه. وقيل أيضًا ضمانه على المشتري إلاّ أن يشترطه على البائع فيصحّ شرطه. فقد أمضي هذا الشّرط، وإن اشترط في غير محلّه في الأصلين، لمّا كان مختلفًا في محلّه. فصادف الشّرط محلًّا هو الأصل فيه على إحدى الرّوايتين عن مالك، بمضيّ الشّرط، ونفذ كما ينفذ لو حكم به في مسألة خلاف بين العلماء. لكن بيع الغائب إذا لم يكن فيه عادة أو عرف، كان الوجه فيه ما ذكرناه، والبيع على العهدة قد يفتقر إلى نظر آخر، وهو مقتضى العقد، هل مقتضاه إثبات العهدة أو إسقاطها؟ وقد قدّمنا في ذلك من الاختلاف عن مالك، رضي الله عنه. فإذا شرط ما يقتضيه العرف ومقتضى العقد اتّضح إمضاؤه. وإن شرط ما يخالفهما جميعًا، فقد صار بعض المتأخّرين إلى إبطال الشّرط وإمضاء العقد. وكأنّه ضعُف الشّرط عنده ها هنا لمخالفته وجهين: العرفَ ومقتضى العقد. ولو اختلف عنده مقتضى العرف، وكان للعرف وجه صحيح، صحّ العقد والشّرط أيضًا.

وهذا التّفصيل يحوجك إلى النّظر في رواية المصريين والمدنيين حتّى تعلم ما مقتضى (?)، على إحدى الرّوايتين، فتضيف إليه العرف وتنظر هل الشّرط وافقهما جميعًا أو خالفهما أو خالف أحدهما.

وهذا التّفصيل قد لا يتّضح له وجه يستمرّ على تحقيق النّظر. وإنّما تحقيق النّظر في هذا جواز الاشتراط أو منعه. فيمضي حيث يجوز، ويردّ حيث يمنع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015