شرح التلقين (صفحة 1936)

وخالفه بعض المتأخّرين في هذا التّأويل. وأشار إلى كون ابن حبيب مفسرًا لما أجمله في المدوّنة لا مخالفًا فيها. ورد الشّيخ أبو عمران قول ابن حبيب بأنّه قد اشترط في المدوّنة كون الأمة اشتهرت بذلك، ولو كان المراد بذلك حصول الجماع بين الذّكرين أو الأنثيين، لكان وقوع ذلك مرة واحدة عيبًا لا يحتاج فيه إلى التّكرار. وإنّما قيّد في الأمة بالاشتهار لكون فحولتها لا تضعف شيئًا من أعمالها, لكن اشتهارها بهذا نقص وعيب. وقد جاء في الحديث أنها ملعونة (?)، فإنّه يستدلّ بخنثه في حركاته وألفاظه على ضعف قوتّه وعمله. والضّعف عيب وإن لم يشتهر.

وأمّا البكارة والثّيوبة فإنّها لا يلزم البائع بيانها. ولا يردّ المشتري بالثيّوبة إِذا لم تشترط في أصل العقد، إلاّ أنّ تكون الأمة في سنّ من لا تقتضي (?)، فإنّ ذلك يقوم مقام الاشتراط أيضًا، ويكون للمشتري الرّدّ بالثّيوبة. ولو قال المنادي عليها: إنّها تزعم أنّها بكر، فإن ذلك يقوم مقام الاشتراط لكونها بكرًا، ولا يلزم البائع أنّ يبيّن أنّها ثيّب، ولا يمكن المشتري من الرّدّ عليه إِذا باع مطلقًا. وهذا عندي إنّما يتّجه إِذا كانت الثيّوبة أمرًا غالبًا فيحمل الإطلاق عليه، ويظنّ أنّ المشتري عليه دخل. لكن ذكر في الرّواية أنّ المشتري لو قال للبائع: أبكر هي أم ثيّب؟ فقال: لا علم لي، فإنّه يصحّ البيع ولا يردّها بالثيّوبة. ولم يرَ هذا تخاطرًا وعقدًا (?) بيعًا على صفة مجهولة لم يُحِطْ بها المتبايعان، والثّمن يختلف باختلافهما.

فهذا مِمّا يتعقّب جواز العقد عليه إلاّ أن يعتذّر عن هذا بأنه أمر يعسر الكشف عنه وتدعو الضّرورة إلى عقد البيع عليه مع الجهالة به، فيكون في هذا نظر. ولعلّنا أن نبسطه في الكلام على العيوب الباطنة، كعيب الخشب، وشبهها.

وأمّا العَسَر وهو الّذي لا يعمل إلاّ بيساره، فإنّه عيب. وأمّا الأضْبط وهو الّذي يعمل بكلتا يديه، فإنّه ليس بعيب إلاّ أن يُنتَقَصَ عمل اليمين منه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015