شرح التلقين (صفحة 1849)

المشتري إذا زادت الأسواق وفي حق البائع خاصة إذا نقصت الأسواق. لكن لما تساوى الإمكان في الزيادة والنقصان من الطرفين جميعًا جعل ذلك حكمًا عامًا.

وقد أشار المتقدمون إلى الفرق بين البيع الفاسد والرد بالعيب، فإنَّ البيع الفاسد دخل فيه المتعاقدان، ولا مزية لأحدهما فيه على الآخر. والعيب من جهة البائع؛ لأنِّه إن تعمَّد، كان مدلسًا. وإن لم يتعقَّد، كان مقصرًا إذ لم يكشف عن العيب قبل أن يبيع، فلم يكن لاعتبار التدليس من غير جهته معنى، مع كونه مدلسًا أو مقصرًا. وإذا لم يعتبر ذلك من جهته، لم يعتبر أيضًا من المشتري زيادة السوق عدل أبي نهما.

وأمَّا إن كان تغير القيمة ليس من ناحية السوق لأمر أثر في البدن لحدوث سرقة العبد أو زناه أو إباقه عند المشتري، فإن هذا وإن نقص من ثمنه، فقد قال ابن حبيب: لا مطالبة على المشتري إذا ردَّ بالعيب بقيمة هذا العيب الحادث عنده. وأنكر أشياخنا مذهبه هذا ورأوه خلاف الأصول. وحاول بعضهم إثبات خلاف في هذا، فأشار ما رآه (?) ابن القاسم في المستخرجة من أن مشتري جارية اطلع فيها على عيب بعد أن أزوجها وولدت، أنَّه إن اختار ردَّها بالعيب، لم يرد قيمة عيب النكاح الحادث عنده، وقدر هذا المتأول أنَّه إنَّما قال ذلك لكون عيب النكاح نقصًا في القية لم يؤثر في العين، فأشبه حوالة السوق. وهذا عندي قد يعتذر عنه بأنَّه ذكر في الرواية أنَّ الأمة ولدت، ويمكن أن يكون ولدها جبر عيب النكاح ومحا أثر نقصه، فلم يتوجه لأجل ذلك على المشتري غرامة، كما سنحكيه عن المدونة بعد هذا في جبر عيب النكاح بقيمة الولد. وإنَّما يبعد هذا التأول الذي تأولناه كونه لم يقيد الجواب كما قيَّده في المدونة باعتبار قيمة الولد، هل يجبر عيب النكاح؟ فلهذا أطلق الجواب ولم يقيده. وقد روى محمَّد ابن صدقة في المدنية عن مالك فيمن اشترى أمة فأزوجها ثُمَّ اطلع على عيب، أنَّه له أخذ قيمة العيب أو ردَّا مع ما نقص النكاح. وهذا الذي قاله هو أصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015