التمسك بالمبيع ومطالبة البائع بقيمة العيب القديم فقال البائع: أنا أحط عنك قيمة العيب الحادث عندك، فلا يكون لك الخيار إلاَّ في التمسك، ولا مطالبة لك علي أوتردَّ علىَّ ولا شيء على ولا شيء عليك. كما لو اطلعت على عيب كان عندي ولم يحدث عندك عيب، فإنَّك لا تمكن من مطالبتي بقيمة العيب.
فإسقاط غرامة العيب الحادث عندك يصيره كما لم يحدث عندك فإنَّه يمكن من ذلك في المشهور من المذهب.
وحكى ابن مزين عن عيسى ابن دينار أنَّه لا يقبل هذا من البائع، بل يبقى المشتري على خياره بين أن يردَّ ويأخذ ما نقص أو يمسك ويأخذ قيمة العيب. ولم يقدر أنَّ علَّة إثبات التخيير للمشتري ما توجَّه عليه من غرامة. ألا ترى أنَّه قد قيل في إحدى الروايتين في الحيوان الهزيل إذا سمن: إنَّه يرده، إن شاء، أو يمسك ويأخذ قيمة العيب وإن لم تتوتجَّه عليه غرامة. وهذا التشبيه ضعيف لأنَّ الخسارة للسمن كالغرامة لأخذ قيمة العيب. وقد قال بعض الأشياخ إنَّ مذهب عيسى يقتضي تمكين المشتري من المطالبة بقيمة العيب وإن لم يحدث عنده عيب لأنَّ البائع لمّا أسقط عن المشتري غرامة ما حديث عنده، صار كمن لم يحدث عنده شيء. وهذا قد ينفصل عنه بأنَّ تخير المشتري حق له قد ثبت، وإن كانت علَّته الغرامة التي تلحقه مرتفعة، فرفع الغرامة بعد أن استقرَّ حكمها كما قيل في المسائل التي ترتفع عللها ولا يرتفع حكمها على ما سيبسط في أصول الفقه.
قال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب قبل هذا: فإن فات، لم يكن له إلاَّ الأرش. والفوت هو ما لا يمكن الرد معه إمَّا لتلف المبيع كالموت والزمانة والهرم الذي لا يبقى معه انتفاع به، وإمَّا لتلف الملك كالعتق والتدبير والاستيلاد والكتابة، وفي بيعه خلاف. والصحيح أنَّه فوت يوجب الأرش. والإباق فوت.
قال الإِمام رحمه الله يتعلَّق بهذا الفصل اثنا عشر سؤالًا. منها أن يقال:
1 - ما أقسام التغير الحادث عند المشتري على التفصيل. 2 - ما يتوقَّع