الناس يختلف اختلافًا كثيرًا بقدر تفاوتهم في الميز والحذق. وكذلك منع أيضًا أن يُربحه آخر دينارًا على أن يجعله مكانه في الإختيار، فيختار لنفسه العشرة الّتي اشتراها الأوّل على خياره.
وبعض الاْشياخ أشار إلى تعقّب هذا ورأى أنّ مقتضى ما قاله أشهب المنع من أن يأتي المشتري الأوّل برجل يختار له. وهذا لا وجه لمنعه, لأنه خلاف ما يدخل النّاس عليه، وربّما أدّى اشتراط منعه من استشارة غيره وقصره على اختيار نفسه، إلى المخاطرة، والظّن بالبائع إنّما منعه من أن يستشهر (?) لاعتقاده قلّة بصره وميزه لما يختار، فصار هذا نوعًا من الخطار.
قال القاضي أبو محمّد قدّس الله روحه: والبيع جائز منجّز (?) وبشرط الخيار. والخيار يثبت في البيع بأمرين: أحدهما بمقتضى العقد، والآخر بالشّرط. فالأوّل ضربان: أحدهما أن يخرج المبيع من الصفة أو بأن يجد به عيبًا (?). والآخر مختلف فيه: وهو أن يكون فيه مغابنة خارجة عن حدّ ما يتغابن النّاس بمثله. فقيل إنّ البيع لازم ولا خيار. وقيل: للمغبون منهما (?) الخيار إذا دخل على بيع النّاس المعتاد.
قال الإِمام رضي الله عنه: هذا الفصل يشتمل على حكم الرّدّ بالعيب. ونحن سنتكلّم عليه في الفصل المختصّ به من كتاب التّلقين. واشتمل على حكم الغبن في البيع، والخلافُ في ثبوت الخيار بذلك مشهور في المذهب عندنا. وبأن لا خيار للمغبون قال أبو حنيفة والشّافعي. وعندي أنّه قد يتعلق بما وقع في المدوّنة من وكيل وكّل على شراء سلعة فاشتراها بأضعاف قيمتها، فإنّ ذلك لا يلزم الآمر. قال في المدوّنة: ويلزم المأمور. ولا يلتفت في هذا الإطلاق