شرح التلقين (صفحة 1804)

الملك على ما كان عليه، فيكون ضمانه من صاحبه.

وأمّا إن كان المبيع بالخيار في يد المشتري والخيار له، فإنّ المذهب أنّ ما يغاب عليه يكون ضامنًا له. ولا يصدق في ضياعه إذا لم تقم له بيّنة على ذلك.

فإن قامت له بيّنة بضياعه فذلك على قولين، فعلى أصل ابن القاسم يسقط الضّمان إذا قامت البيّنة، لكون الأصل سقوط الضّمان عن المشتري لأجل ما قدّمناه. وإنّما ضمن ها هنا للتّهمة أنّه أخفى المبيع وادّعى ضياعه مع كون هذا المبيع في يديه لمنفعة نفسه، وكون البيع فيه منعقدًا حتّى يفسخ على أحد

الطّرق.

وأمّا إن كانت السلعة في يد المشتري، والخيار للبائع خاصّة، فالمشهور من المذهب أيضًا أنّ المشتري ضامن لما يغاب عليه، لكون ذلك في يديه على جهة البتات، والعقد اللاّزم له الّذي لا قدرة له على حلّه.

وذهب ابن كنانة إلى أنّ الضّمان ها هنا من البائع. وكأنّه قدّر أنّ المنفعة في إيقاف هذا المبيع للبائع خاصّة دون المشتري, لأنّ المشتري قد قبض السلعة على أنّ ثمنها لازم له لا إنفكاك له منه إذا شاء البائع، فوقفه البائع عن التّصرّف فيها كما يتصرّف المالك، والانتفاع بها لمنفعة نفسه في تدبير رأيه في إمضاء البيع أو ردّه، وقد قدّمنا أنّ الضّمان تعتبر فيه المنفعة لمن هي، فيكون الضّمان منه، على حسب ما تقدّمت الإشارة إليه. فهذا سبب الخلاف الّذي وقع في المذهب في هذا الوجه الّذي عقد فيه الخيار للبائع خاصّة، وقد قبض المشتري السلعة.

وإذا علمت حكم ضمان الرقبة المبيعة كلّها، فإنّك تعلم من ذلك ضمان أجزائها. فإذا باع أمة على أنّ الخيار للمشتري أو للبائع أو لهما جميعًا، وكان ضمانها من المشتري إذا قبضها على حسب ما قدّمناه، اقتضى هذا أنّه إن حدث بها عيب في أيّام الخيار فإنّ مصيبة هذا العيب من البائع، كما لو ماتت الأمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015