شرح التلقين (صفحة 1799)

من هذا الإختلاف، الّذي ذكرناه، محمولًا على أنّ هذه الأمة لم يعلم بحملها حين العقد.

وهذا الّذي اعتذر به فيه بعد، ولا يكاد يخفى حمل امرأة قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة إلاّ في صورة نادرة.

وهذا الّذي ذكره ابن أبي زمنين من كون أصحاب مالك يمنعون من بيع المريضة، والحاملُ مريضة. وقد ذكر إسماعيل القاضي في المبسوط عن عبد الملك بن الماجشون أنّ الحامل إذا جاوزت ستّة أشهر. جازت عطيّتها في الثّلث، كالمريضة. ومنع من بيعها إن كانت أمة كما يمنع من بيع المريض المدنف. وسنبسط الكلام على حكم الحامل في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأمّا سبب الإختلاف في كون الولد للبائع أو المشتري، فإنّه يلتفت فيه إلى أصلين، أحدهما: هل للحمل حصّة من الثّمن أم لا حصّة له من الثّمن؟ فإن قلنا: إنّ له حصّة من الثّمن، فينبغي ألاّ يختلف في كونه للمشتري.

لأنّه إذا كان له حصّة من الثّمن، صار المشتري كأنّه دفع الثّمن عن سلعتين، وهما الأمّ وجنينها. ومن اشترى بثمن واحد سلعتين فلا يقال: إنّ إحداهما تبقى للبائع. واستدلّ من قال: إنّ له حصّة من الثّمن، بأنّ اللّبن المغيَّب في الضّرع له حصّة من الثّمن، ألا تراه - صلى الله عليه وسلم - حكم في المصراة إذا ردّت أن يردّ معها صاعًا من تمر عوض لبنها (?)، لكون اللّبن الّذي في الضّرع يجب أن يردّ للبائع إذا ردّت عليه، وما حدث بعد ذلك فهو للمشتري. فلمّا اختلط ما يجب ردّه وما لا يجب، عوِّض عن الجميع بصاع من تمر.

وإن قلنا: إنّ العمل لا حصّة له من الثّمن، كيَدِها أو رجْلها أو سمنها، فإنّه يجري حكم الولد على ما تقدّم من الاختلاف في بيع الخيار، هل هو محلول حتّى يعقد بالإجازة؟ فيقتضي هذا كون الولد للبائع, لأنّ البيع إنّما انعقد بعوإنفصال الولد عنها، فلم يشتمل العقد عليهما كما لم يشتمل على بيع أمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015