يمكن (?) ردّه إلى الملك فإنّه لا يكون رضي كالوطء والبيع.
واعلم أنّ المذهب عندنا على قولين في البيع إذا وقع من المشتري بالخيار، هل يعدّ ذلك رضي منه بالإجازة، أو لا يعدّ ذلك منه رضي بالإجازة؟ كما حكاه في المدوّنة عن ابن زياد عن مالك: أنّه لا يبيع حتّى يختار. فإن باع فإنّ البائع بالخيار في أن يردّ بيعه أو يجيزه ويأخذ الثّمن الّذي باع به المشتري.
وأنكر سحنون تخيير البائع المذكور في هذه الرّواية، وإنّما سلم منها كون الرّبح الّذي يحصل للمشتري يستحقّه البائع. ولم يسلّم تمكينَه من فسخ البيع إذا أقرّ أنّه باع قبل أن يختار. وأمّا إن زعم أنّه لم يبع إلاّ بعد أن اختار، فإنّ القول قوله مع يمينه ويكون الرّبح له.
واعتلّ ابن الموّاز في منع المشتري من الرّبح بأنّ تمكين المشتري منه منهيّ عنه للحديث الوارد بالنهي عن ربح ما لم يضمن (?).
وقد ذكرنا عن أصحاب الشافعي أنّ عندهم قولين في بيع المشتري بالخيار، هل يكون رضي بالإجازة أم لا؟ كما حكينا الخلاف فيه أيضًا عن مذهبنا؟ وقد يهجس في النفّس أنّ الخلاف إنّما وقع عندنا في البيع، هل يكون رضي أم لا؟ لكون المبيع بالخيار مِمّا يمكن ردّه بعد أن يباع، على حسب ما حكيناه عن بعضهم في تعليله المنع من كون الوطء رضي بخلاف العتق. وسلوك هذه الطّريقة تقتضي أن يكون عندنا اختلاف أيضًا في وطء المشتري. لكن العذر عن هذا عندي أنّ وطء المشتري لها يوجب المنع من ردّها على بائعها حتّى يستبرىء. فقد صار المشتري أحدث ما منع من ردّها، فأشبه ذلك العتق المتّفق على أنّه رضىً لكونه مانعًا من الرّدّ. وإن كان العتق يمنع من الرّدّ منعًا مؤبّدًا، والوطء يمنع منه منعًا مؤقّتًا، وقد يكون مؤبّدًا إن حملت من الوطء.
وهذا المنع يوجب غرامة ما منع المتعدّي من تمكين مالكه.