وهذه المسئلة الّتي نقلناها عن أصحاب الشّافعي ربّما لاحظت هذه المسئلة الّتي ذكرنا أنّ المذهب على قولين من جهة أنّ القفيز المشترط زيادته معلوم مقطوع بحصوله. والأقفزة الّتي في الصّبرة ما يعلم عددها على التّحقيق بل بالحدس والتّخمين، فصار هذا الاشتراط فيها كجزاف أُضيف إليه مكيل.
وقد يَخرُج عن هذه المسئلة الّتي ذكرناها عن المذهب، لكون الصّبرة انتقلت عن حكم الصّبر، لمّا بيعت على الكيل، وإن كان منتهى الكيل لا يعلم عدده على الحقيقة، فإنّها تكون كمعلوم أُضيف إلى معلوم، لمّا كان الوقوف على هذه الأقفزة يمكن عقيب العقد. ويجري ذلك مجرى من باع ثوبًا مرابحة على أنّ لكلّ عشرة من ثمنه دينارًا، والثّمن يذكر بعد ذلك. ولعلّنا أن نبسط القول في هذا في كتاب المرابحة إن شاء الله تعالى.
وقد ذكر في هذا الكتاب من المدوّنة جواز بيع الصّبرة على أنّ فيها مائة قفيز، فإن لم يجد فيها العدد الّذي سمّيا، اعتبر في النّقص هل هو قليل فيلزمه الباقي من الجملة؟ أو كثير فلا يلزمه ذلك (?)، أجري مجرى الطّعام إذا استحقّ بعضه؟ وظاهر هذا أنّه لا يشترط في جواز هذا البيع أن يكون العدد الّذي سمّياه يتحقّق أنّه حاصل في الصّبرة.
وبعض أصحاب الشّافعي اشترط هذا في جواز البيع، فإنْ أمر المشتري البائع أن يكتال هذا العدد، وغاب عنه، وزعم أنّه اكتاله، وضاع بعد كيله، فقد مضى في كتاب السلم ما قيل في تصديقه في ذلك إذا لم تقم بيّنة على أنّه اكتال ذلك. ولو أقام البيّنة على صحّة ما يقول وأنّه اكتال العدد الّذي سمّي في أصل البيع، لسقط الضّمان عنه، لكونه - وكيلًا للمشتري على الكيل. لكنّه لو وجد فيما اكتاله نقصًا كثير أبي ن العدد الّذي سمَّى، مثل أن يجد في الصبرة عشرة أو (?)