بالقبض لا يسقط مقتضى أصل العقد من ضمان إيصال المكتري إلى غاية المسافة.
وإذا تقرّر حكم الحمالة في البيع، ووضح إجراؤها على حكم بيع الخيار، فإنّه لا يجوز في النّكاح اشتراط حمالة رجل بعينه بالصّداق، لكون هذا يصير عقد النّكاح عقدًا على خيار، والنّكاح لا يجوز أن يشترط فيه الخيار. وقد ذكر أيضًا في كتاب البيوع الفاسدة مسئلة كنّا قدّمنا الكلام عليها، وهي إذا باع سلعة على أنّ المشتري إن لم يأت بالثّمن إلى أجل سمّاه فلا بيع بينهما، فإنّ هذا البيع لم يجزه في المدوّنة، وعلّل بأنّ فيه عذرًا، ولكنّه مع هذا أمضاه إذا وقع، وأبطل الشّرط خاصّة. وقد وقع في تحديد الأجل اختلاف، فذكر في بعض الرّوايات أنّ البيع أجّل فيه الثّمن ثلاثة أيّام، وفي بعضها: أجّل عشرة أيّام، ووقع في الموّازيّة أجل شهر. وأجاز هذا الشّرط في الدّيار، وكرهه في الحيوان، وقال في العروض: الشّرط باطل. وقد وقع لمالك أنّ هذا البيع فاسد لفساد شرطه. وذكر ابن وهب أنّه كبيع الخيار إن ضرب في ذلك أمد يجوز ضربه في بيع الخيار مضى البيع على ما هو عليه. لأنّ معنى هذه العبارة وهو قول البائع للمشتري: إن لم تأت بالثّمن إلى أجل كذا فلا بيع بيننا، كمعنى قوله: أبيعك بالخيار إلى أجل كذا وكذا. وقد اختلف أيضًا في تأويل ما وقع في المدوّنة من قوله: البيع نافذ والشرط باطل. هل مراده ببطلان الشّرط في حلّ البيع عند انقضاء الأجل، وفي إبطال التأجيل بالثّمن، فيُكلَّف المشتري دفع الثّمن في الحال؟ أو المراد بطلان ما لا يجوز، وهو حَلّ العقد بمضيّ زمن محدود دون إبطال تأجيل الثّمن، لكون تأجيل الثّمن سائغًا في نفسه لو تجرّد ذكره خاصّة في بيع البتات؟ وقد وقع في كتاب كراء الرّواحل والدّوابّ أنّ الشّرط باطل وينقد الثّمن. وظاهر هذا بطلان التّأجيل للثمن. وبعضهم يقول: يحتمل أن يريد انتقاد الثّمن إذا حلّ الأجل، ويرى أنّ هذا هو الأولى من إبطال حكم التّأجيل. وطريقة بعض أشياخي اعتبار القصد في مثل هذا، هل التّأجيل للثّمن ها هنا مقصود عند المشتري فيوفّى له به؟ أو المقصود بذكر الأجل جعله علَما على حلّ البيع لا على ميقات الثّمن فيكون الثّمن على الحلول؟.